دروس من أسبوع العبور: الاستعداد ليوم الدينونة
في أسبوع العبور، نجد العديد من الدروس المهمة التي تنبهنا إلى ضرورة الاستعداد ليوم مجيء المسيح ويوم الدينونة. فربنا يحاول باستمرار أن ينبهنا بومضات تشبه اليوم الأخير، ولكننا في كثير من الأحيان نتجاهلها ونغفل عنها.
فعلى سبيل المثال، في إنجيل الساعة التاسعة ليوم الثلاثاء، يقول المسيح: "الذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته شيئاً". وقد رأينا تحقق هذه الآية في زلزال تركيا المدمر، حيث لم يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم لأخذ أي شيء قبل أن يصبحوا تحت الأنقاض في ثوانٍ معدودة. وكذلك في الآية التالية: "والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه"، رأينا مواقف مشابهة في الأمطار الغزيرة المفاجئة التي تركت الناس محاصرين دون قدرة على الوصول إلى بعضهم البعض أو طلب النجدة.
ولكن الآية الأكثر صعوبة هي: "اثنتان تطحنان على الرحى، تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى" (متى 24: 41). فهنا نرى أن الاثنتين تجاهدان وتعملان، ولكن واحدة تجاهد بشكل صحيح والأخرى بشكل خاطئ. فهناك من يذهب إلى الكنيسة ويصلي ويصوم ويقرأ القراءات، ولكن في النهاية يؤخذ واحد ويترك الآخر. فليس كل من يجاهد مكانه السماء، لأن الجهاد الذي لا يتمحور حول المسيح هو مجرد مازوخية بعيدة كل البعد عن طريق السماء.
وفي إنجيل الساعة الحادية عشرة، نرى أن الذين قُبلوا ودُعوا إلى فرح سيدهم كانوا مندهشين لأنهم لم يدركوا أن الخير الذي فعلوه كان في المسيح نفسه. أما الذين طُردوا فقد سألوا باستغراب: "متى رأيناك جائعاً أو عطشاناً أو غريباً أو عرياناً أو مريضاً أو محبوساً ولم نخدمك؟". فهم يظنون أنهم فعلوا الصواب بدفع العشور وفعل الخير، ولكنهم لم يدركوا أن قلوبهم لم تكن مع المسيح.
إن الله يريد منا أن نبحث عنه بجدية، فهو حولنا ويرانا ونراه كل يوم وكل ساعة، ولكننا نحن الذين نغفل عنه. فنحن قد نكون ماهرين في حضور القداسات والبصخات ودفع العشور، ولكن قلوبنا بعيدة عنه. وفي هذه الحالة، سنسمع البكاء وصرير الأسنان.
وفي نبوة هوشع في الساعة التاسعة من ليلة الأربعاء، يقول الله: "من أجل سوء أفعالهم أطردهم من بيتي، لا أعود أحبهم". فالجهاد الشكلي أو الظاهري الذي لا يسكن المسيح في جوهره سيجلب لعنة أكبر من البركة التي كنا نتخيلها.
لذلك، يجب علينا أن نتعلم من شجرة التين، كما قال المسيح: "فمن شجرة التين تعلموا المثل" (متى 24: 32). فمن يريد السماء عليه أن يتعب ويبحث عن المسيح في كل شيء وكل عمل وكل شخص. فالسماء لم تكن أبدًا مجانية، بل دُفع فيها أغلى ثمن وهو دم المسيح. لذلك قيل لنا: "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عبرانيين 12: 4).
في أسبوع العبور، يحاول الله أن ينبهنا بومضات تشبه اليوم الأخير، ولكننا غالبًا ما نتجاهلها. ففي إنجيل الساعة التاسعة ليوم الثلاثاء، يتحدث المسيح عن يوم مجيئه ويوم الدينونة. ويعطينا أمثلة حية على ما قد يحدث في ذلك اليوم، مثل الزلزال المدمر في تركيا الذي لم يترك للناس فرصة للهروب، والأمطار الغزيرة التي فاجأت الناس وحاصرتهم في أماكنهم.
ولكن الدرس الأعمق يكمن في الآية التي تقول: "اثنتان تطحنان على الرحى، تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى" (متى 24: 41). فهذا يعني أن الجهاد وحده لا يكفي للدخول إلى ملكوت السماوات، بل يجب أن يكون الجهاد موجهًا نحو المسيح. فهناك من يذهب إلى الكنيسة ويصلي ويصوم، ولكن قلبه بعيد عن المسيح. وهناك من يفعل الخير ولكن لا يدرك أنه يفعله للمسيح نفسه.
وهذا ما يؤكده المسيح في مثل الخراف والجداء (متى 25: 31-46)، حيث يتفاجأ الأبرار بأنهم خدموا المسيح دون أن يدركوا ذلك، بينما يندهش الأشرار لأنهم لم يخدموا المسيح رغم أعمالهم الصالحة الظاهرية.
والدرس الأهم هو أن الله يريدنا أن نبحث عنه في كل شيء وفي كل شخص. فهو يقول لنا في نبوة هوشع: "من أجل سوء أفعالهم أطردهم من بيتي، لا أعود أحبهم" (هوشع 9: 15). وهذا يعني أن الفضيلة بدون حكمة وبدون المسيح تتحول إلى لعنة، كما حدث مع العذارى الجاهلات اللاتي أغلق الباب في وجوههن (متى 25: 1-13).
فلا توجد رتبة أو نيشان يفتح باب السماء غير الإيمان والجهاد الحقيقي الذي محوره المسيح. وأي جهاد شكلي أو ظاهري لا يسكن المسيح في جوهره سيجلب لعنة أكبر من البركة المتوهمة. فكما قال أبونا أندراوس الصموئيلي: "أنا ما أسواش ملء وداني تراب".
لذلك، علينا أن نتعلم الدرس من شجرة التين (متى 24: 32)، وأن نسعى للعثور على المسيح في كل شبر وكل عمل وكل شخص. فالسماء لم تكن أبدًا رخيصة، بل دفع فيها أغلى ثمن وهو دم المسيح. لذلك قيل لنا: "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عبرانيين 12: 4).
فلنستعد ليوم الدينونة بالجهاد الحقيقي الذي يرضي الله، ولنبحث عن المسيح في كل شيء وكل شخص، حتى نسمع في النهاية: "تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (متى 25: 34).
فلنستعد إذًا ليوم الدينونة، ولنبحث عن المسيح بكل جدية وإخلاص، في كل تفاصيل حياتنا، حتى نكون مستحقين لدخول فرح سيدنا والتمتع بالحياة الأبدية معه.
إرسال تعليق