لحن "أفتشينون": سيمفونية حزينة تفتح أبواب الفرح

لحن "أفتشينون": سيمفونية حزينة تفتح أبواب الفرح

لحن "أفتشينون": سيمفونية حزينة تفتح أبواب الفرح


في طيات طقوس الكنيسة القبطية، ووسط ألحانها العميقة، يبرز لحن "أفتشينون" كأحد أبرز الألحان التي تحمل في ثناياها معاني روحية ورموز دينية جليلة. فهو ليس مجرد لحن موسيقي عابر، بل هو رحلة روحية عميقة، تبدأ بالحزن وتنتهي بالفرح، رحلة تذكرنا بمعاني الغفران، وتحثنا على نبذ الخيانة.


يستمد لحن "أفتشينون" كلماته من مزمور 55، حيث تصف كلماته الأولى حلاوة اللسان التي قد تخفي وراءها نوايا خبيثة، مُذكرةً بقول المزمور "ألين من الزيت كلماته وهي سيوف مسلولة". فهي دعوة واضحة للانتباه والحذر من الكلمات المعسولة التي قد تخفي وراءها غدرًا وخيانة كخيانة يهوذا، الذي طعن معلمه بقبلة، ليذكرنا بأن الخطر قد يأتي من أقرب الناس.


ولا يكتفي اللحن بالتحذير من مكر الكلمات، بل ينتقل إلى التعبير عن ألم الخيانة من الصديق الحميم في قوله: "لأنه ليس عدو يعيرني فأحتمل بل أنت إنسان إلفي وصديقي"، ليُبرز عمق الجرح الذي تسببه خيانة الأحبة.


ويكتسب اللحن رمزيته الدينية من خلال ترديده في صلاتي ليلة وباكِر يوم الخميس الكبير، مُجسداً ذكرى خيانة يهوذا لسيده. أما تسميته بـ "اللحن الملوكي" فتعود إلى كونه مستوحى من ألحان تجنيّز الملوك، حيث ينقسم إلى نصفين، الأول حزين يرثي الخيانة، والثاني فرائحي مبشر بالخلاص والفداء الذي أهداه المسيح للبشرية.


وهنا تكمن جمالية "أفتشينون"، فهو يُجسد الصراع الأزلي بين الحزن والفرح، الخيانة والغفران، ويؤكد على أن من رحم الألم يولد الأمل، وأن بعد كل ظلام نور.


إن فهم المعاني الروحية للألحان الدينية كـ "أفتشينون" يُضفي عليها بعداً روحياً عميقاً، ويُحولها من مجرد ألحان موسيقية إلى وسيلة للتقرب إلى الله وفهم رسالته. أما تجاهل هذه المعاني فقد يُحوّل اللحن إلى مجرد أصوات عابرة لا تُلامس الروح ولا تُغذيها.


Post a Comment

أحدث أقدم