تأمل رحلة صوم الميلاد: رحلة الإعداد والتقديس
المقدمة
الرب يعيد عليكم الأيام بكل خير وبركة، ويفرحكم ويعطيكم صوما مقبولاً أمام الله. كل عام وأنتم بألف خير وبركة. في هذا المقال، سنتأمل معًا في رحلة صوم الميلاد، الذي يمتد لأربعين يومًا بالإضافة إلى ثلاثة أيام أخرى، لينتهي في السابع من يناير، الموافق التاسع والعشرين من شهر كيهك. هذا الصوم له أهمية روحية عظيمة، وهو فرصة لنا لنستعد روحيًا لاستقبال ميلاد المسيح، الكلمة المتجسد.
أصل الصوم ومدته
الأصل في صوم الميلاد أن تكون مدته أربعين يومًا، تشبهًا بموسى النبي الذي صام أربعين يومًا ليتلقى كلمة الله المكتوبة على لوحيّ الحجر. نحن أيضًا نصوم أربعين يومًا لنستقبل كلمة الله المتجسد، المولود من القديسة الطاهرة مريم. هناك ثلاثة أنواع لكلمة الله: المقروءة، والمسموعة، والمأكولة. عندما نقرأ الكتاب المقدس ونسمع عظات الكنيسة ونتناول القربان المقدس، نكون قد تناولنا كلمة الله في أشكالها المختلفة.
أما الأيام الثلاثة الباقية فقد أضيفت إلى مدة الصوم في عهد البابا إبرام ابن زرعه الـ 62 (925-979)، تذكارًا للأيام الثلاثة التي صامها الأقباط للرب في أمر جبل المقطم، والتي انتهت بنقل الجبل. حفظ الأقباط هذا التذكار شهادة للتاريخ.
طقوس الصوم وجماله
لصوم الميلاد طقسه الجميل والحانته الرائعة، والتسابيح والمدائح البديعة في شهر كيهك. الكنيسة بالصوم تعدنا روحيًا لنحيا أفراح ميلاد المسيح الذي انتظرته الأجيال في ترقب. وبالصوم نتطهر بالتوبة ونقدس الجسد والفكر والروح. هو صوم من الدرجة الثانية، أي يؤكل فيه السمك ما عدا يومي الأربعاء والجمعة.
الإعداد لاستقبال الكلمة المتجسد
صوم الميلاد هو رحلة إعداد. تستعد الكنيسة وتهيئ شعبها لاستقبال الكلمة المتجسد ليحل بالإيمان في قلوبنا وندرك عظمة هذا السر ("الله ظهر في الجسد"). في هذا الصوم، نكون كمن يفرش ويهيئ المذود لاستقبال المولود الإلهي، ولكن هذه المرة في قلوب بسيطة متواضعة، قلوب خاشعة مصلية متهلّلة، مداومين على التسبيح والصلاة، لكي يأتي المخلص ويسكن فيها، فيجعل القلب سماء ومكانًا لسكناه.
التسبيح والسهر والفرح
صوم الميلاد هو التسبيح والسهر والفرح بانتظار ميلاد المخلص. والصوم هو وسيلة روحية نقترب بها من الله ونبتعد عن الخطايا والضعفات التي تبعدنا عنه. ندرب أنفسنا على الشبع بكلمة الله والفرح بمحبته.
يا ريت كلنا نصوم هذا الصوم ويكون صومنا مقدسًا ومقبولاً، ونستعد لمجيء المسيح داخل قلوبنا ويملك على حياتنا.
التسبيح في صوم الميلاد
صوم الميلاد يتميز جدًا بشهر كيهك، لأنه الشهر الذي ينتهي فيه الصوم في التاسع والعشرين منه، الموافق السابع من يناير. شهر التسابيح والألحان المبهجة الجميلة التي تفرح القلب.
التسبيح هو أرقى أنواع الصلوات، شكر وتمجيد لله مع طلب مغفرة خطايانا فقط. التسبيح هو عمل الملائكة وهم يشاركوننا في التسبيح. فنحن نصلي للرب يسوع قائلين: "أنت الذي أعطيت الذين على الأرض تسبيح السيرافيم، إقبل منا نحن أيضًا أصواتنا مع غير المرئيين، إحسبنا مع القوات السمائية".
التسبيح هو ترتيل للإيمان. الكنيسة رتّبت صلواتها وتسابيحها من خلال عقيدتها. فنجد نصوصًا من مجمع أفسس موجودة في الثيئوتوكيات، إعلانًا لعقيدة الكنيسة أنها أم الله بالحقيقة.
التسبيح هو ما يغرس في النفس فرحًا وشبعًا بالرب يسوع. فيصير الإنسان متهللاً بالروح، يحيا في لطف ووداع، وينمو في الفضائل المسيحية.
الخاتمة
صوم الميلاد هو رحلة روحية عميقة، تهيئنا لاستقبال ميلاد المسيح في قلوبنا. من خلال الصوم والتسبيح والتوبة، نستعد لاستقبال المخلص الذي يحل فينا ويملأ حياتنا بمحبته ونعمته. فلنصوم بصوم مقدس ومقبول، ونستعد بفرح وإيمان لاستقبال ميلاد ربنا يسوع المسيح.
كل عام وأنتم بخير، وصوم مبارك عليكم جميعًا.
إرسال تعليق