الأنبا مكسموس: ملاك كنيسة أتريب وعالم اللغة القبطية

الأنبا مكسموس: ملاك كنيسة أتريب وعالم اللغة القبطية

الأنبا مكسموس: ملاك كنيسة أتريب وعالم اللغة القبطية


مقدمة


يُعدّ الأنبا مكسموس من أبرز شخصيات الكنيسة القبطية في القرن العشرين. ترك بصمة واضحة في خدمة الكنيسة، و اشتهر بعلمه الغزير في اللغة القبطية، وتفانيه في خدمة شعبه. سنستعرض في هذه المقالة سيرة حياته الحافلة بالعطاء، منذ نشأته في أخميم وحتى وفاته عام 1992.


نشأة روحية ورهبنة مبكرة


وُلد الأنبا مكسموس عام 1911 في مدينة أخميم، ونشأ في بيئة تُحبّ الكنيسة وطقوسها. اتّسم منذ صغره بحبّه للوحدة والتأمل، مُظهرًا ميلاً واضحًا للحياة الرهبانية. وفي عام 1932، التحق بدير السيدة العذراء بالمحرق، حيث ترهّب تحت اسم "الراهب أنجيليوس المحرقي".


مسيرة حافلة بالخدمة


تدرّج الأنبا مكسموس في المناصب الكنسية، فأصبح قسًا ثمّ قمصًا، وتولّى منصب وكيل دير المحرق. التحق بمدرسة الرهبان اللاهوتية بحلوان، وتخرّج منها عام 1958. اشتهر بعلمه الغزير في اللغة القبطية واللغة الأمهرية، وأصبح مُدرّسًا للغة القبطية في المدرسة. وبعد نياحة القمص ميخائيل مينا، تُوّلي منصب ناظر المدرسة.


اختياره للأسقفية


اختاره البابا يوساب الثاني ليكون أمينًا للمكتبة البطريركية، ثمّ سكرتيرًا روحيًا لقداسته. وبعد نياحة البابا يوساب، رُشّح للمنصب البطريركي عام 1959، وحصل على ثاني أعلى الأصوات. ولكن القرعة الهيكلية اختارت القمص مينا المتوحد الذي صار البابا كيرلس السادس.


الخدمة في الكويت وسيامته أسقفًا


انتدبه البابا كيرلس السادس لتأسيس أول كنيسة قبطية في الكويت. وفي عام 1963، تمّت سيامته أسقفًا للقليوبية باسم "الأنبا مكسموس". وواجه في بداية خدمته نقصًا في الموارد المالية، لكنه بِجِدّه وإخلاصه تمكّن من بناء مقر للمطرانية وتأسيس كنائس عديدة في الإيبارشية.


إنجازات رعوية واجتماعية


تميّزت فترة رعاية الأنبا مكسموس لإيبارشية القليوبية بالعديد من الإنجازات الرعوية والاجتماعية، منها:


رسامة عدد كبير من الآباء الكهنة.

رعاية إيبارشية المنوفية مؤقتًا بعد نياحة مطرانها.

المشاركة في العديد من اللجان المجمعية.

بناء كنائس عديدة في مُدن ومراكز الإيبارشية.

سيامة أسقفين مساعدين له لخدمة الإيبارشية.

تأسيس مراكز خدمية واجهة اجتماعية.

عشقه للغة القبطية ودقة الطقس


اشتهر الأنبا مكسموس بعشقه واتقانه الكامل للغة القبطية، ودقّته الشديد في الطقوس الكنسية. وكان يُلقّب بـ"أسقف الرسامات" نظرًا لخبرته الكبيرة في طقوس الرسامة.


ملاك كنيسة أتريب


ارتبط الأنبا مكسموس ارتباطًا وثيقًا بكنيسة العذراء بأتريب، وكان يُلقّب بـ"ملاك كنيسة أتريب". وتُشير بعض الروايات إلى صلاته في هذه الكنيسة المُندثرة تحت الأرض. وفي عام 1968، ترأّس لجنة علمية للبحث عن بقايا الكنيسة، وأسفرت جهود اللجنة عن اكتشاف بعض الآثار التي تُشير إلى وجود الكنيسة في الماضي.


علاقته بدير مارمينا بمريوط


كان الأنبا مكسموس على علاقة وثيقة بدير الشهيد العظيم مارمينا العجايبي بمريوط، وكان يقضي معظم وقته في الدير متعبّدًا. وكان الأنبا مينا آفا مينا يستعين به دائمًا في طقوس رسامة الرهبان الجدد.


نياحته وذكرياته


تنيح الأنبا مكسموس عام 1992، بعد مسيرة حافلة بالعطاء الروحي والاجتماعي. وقد خلّف وراءه إرثًا روحيًا عظيمًا، وتُعدّ سيرته مصدر إلهام لأجيال من أبناء الكنيسة القبطية.


خاتمة


يُمثّل الأنبا مكسموس نموذجًا للأسقف المُتفاني في خدمة شعبه وكنيسته. وقد امتاز بعلمه الغزير وحبّه للغة القبطية، ودقّته في الطقوس الكنسية، وحرصه على تأسيس المشاريع الخدمية التي تُلبّي احتياجات شعبه. وتُعدّ سيرته مصدر إلهام لأجيال من أبناء الكنيسة القبطية.


Post a Comment

أحدث أقدم