أشارات تاريخية عن ظهور واكتشاف خشبة الصليب المقدس

أشارات تاريخية عن ظهور واكتشاف خشبة الصليب المقدس
 

أشارات تاريخية عن ظهور واكتشاف خشبة الصليب المقدس


- يوجد أشارة للقديس كيرلس الكبير خلال تفسير لسفر زكريا، بأن الصليب المقدس ظهر في أوقات مختلفة، قبل أكتشافه أثناء زيارة الملكة هيلانة لأورشليم. وفي تعليق القديس كيرلس على (زك14: 19)، يذكر الملك قسطنطين بأنه أخذ قطعة من خشبة الصليب ووضعها في لجام حصانه فنال بركة من الرب وبسبب هذا آمن. ويمدح القديس كيرلس، الملك قسطنطين ويصفه بأنه : " محب لله، صادق وتقي، زين جواده بالمسمار المأخوذ من الصليب المكرم".


- يذكر سقراط المؤرخ في تاريخه (1: 17) ، أن التلاميذ كرموا موضع الآلام والقبر كثيرًا. وهو الأمر الذي ذكره المؤرخ سعيد بن بطريق الملكاني ، وتكريم المسيحيين لموضع الجلجثة هو الذي دعا اليهود لردم الموضع بالتراب لئلا يتسبب في زيادة عدد المؤمنين.


- يشير ميمر منسوب للقديس كيرلس الأورشليمي محفوظ بالقبطية الصعيدية، أن يوسف الرامي ونيقوديموس لما سمعا بأن اليهود يتأمرون لحرق خشبة الصليب، أخذ يوسف خشبة الصليب مع المسامير وأدخلاهم القبر الذي دُفن فيه السيد المسيح ودحرج الحجر على باب القبر وانصرفا. ولكن المسيحين أخذوا يترددون على القبر لتكريمه خاصة وبعد ظهور معجزات كثيرة منه كانت سبب في إيمان كثير من اليهود، ففكر جماعة من الكتبة والفريسيين ردم المكان بإلقاء القمامة عليه كي يصير منسيًا.


- يذكر أبو المكارم في كتابه عن تاريخ الكنائس والأديرة الجزء الثالث "كنائس وأديرة القدس"، أن زوجة الأمبراطور كلوديوس الأول(41-54م) قد آمنت ويبدو أنها أحدى اللاتي يقصدهن بولس الرسول في قوله: "يسلم عليكم جميع القديسين ولاسيما الذين من بيت قيصر"(في4: 22)، ولما آمنت طلبت من القديس يعقوب الرسول أن تزور القبر المقدس فلما دلها عليه ودخلته سقطت ابنتها ميتة، ولما وضعوها على صليب الرب قامت على الفور، فأمرت ببناء كنيسة ، وسلمت الخشبة إلى يعقوب الأسقف وعادت إلى روما ، وكان هذا الظهور الأول للصليب.


- يذكر تاريخ المنبجي من القرن العاشر، أن بعد استشهاد القديس يعقوب في عهد نيرون، تم هدم الكنيسة وسرقة الصليب مع خشبتى اللصين،وإخفاءهم تحت تلاً عظيمًا جدًا من القمامة والتراب على مقربة من القبر.


- في عام 135م سحق الملك هادريان اليهود، وشرع في بناء مدينة يونانية على أنقاض ورشليم، وتدشين معبد للإله جوبيتر فوق الهيكل اليهودي. ولما رأى تكريم المسيحيين لموضع القبر المقدس ، أراد منعهم ببناء معبد وثني للزهرة = فينوس = أفروديت ألهة الحب والجمال عند الرومان!.


- وفي حكم الملك قسطنطين (323-337م) وبالتقريب في 26أكتوبر 312م، ظهر الملاك له في رؤية (وهو في الحرب) حيث أيقظه وطلب منه رفع عينيه والنظر إلى السماء، حيث رأى علامة الصليب مضيئة، وسمع صوتًا يقول "بهذا تغلب كل أعدائك". وبعدما نهض قسطنطين من نومه، رسم نفسه بعلامة الصليب المقدس، ووضعها على العلم الخاص به. 


وفي الصباح أمر بعمل صليب من الذهب، وأمر برفعه أمامه في مدة حربه ضد الوثنيين، وبالفعل غلب في الحرب، إذ أن أعداؤه ارتعبوا حينما رأوا العلامة وهربوا، ودمروا بعضهم البعض عند هروبهم، والبعض منهم سقط في النهر (نهر الدانوب حيث تجمعوا لمحاربة قسطنطين). لكن من الغريب ان يوسابيوس القيصري الذي امتدح قسطنطين كثيرًا لم يذكر هذه الحادثة ولو بتنويه عنها، بينما ذكرها سوزومين(1: 3) وذكر يوحنا النقيوسى حلم قسطنطين(77: 52)، واشار سعيد بن بطريق أن الصليب ظهر لقسطنطين وجنوده في نصف النهار على هيئة صليب مكون من كواكب مضيئة!


- يذكر المؤرخ ثيؤدوريت أن  الملكة هيلانة ذهبت إلى أورشليم سنة 326م، وهى تقارب الثمانين من عمرها باحثة عن خشبة الصليب. أما أول من ربط بين البحث عن الصليب وبين الملكة هيلانة فهو القديس أمبروسيوس(339-397م) في تقريظه لثيؤدسيوس الكبير.


- عرفت هيلانة اثناء وجودها في أورشليم أن أحد شيوخ اليهود اسمه يهوذا لديه معلومات عن مكان خشبة الصليب، فقالت الملكة ليهوذا، في يدك أن تختار أن كنت تعيش أو تموت. وإذا أردت أن تعيش في السماء وعلى الأرض، فأكشف لي عن مكان صليب المسيح المقدس. فأجابها يهوذا: أنا لا أعرف ولا يمكنني أن أعرف، لأن هذا حدث من أكثر من مائة عام، وأنا كنت صغيرًا ولا أتذكر شيئًا. 


فقالت له الملكة: أنا قرأت في الكتب المقدسة أن المسيح صلب في مكان يدعى "الجلجثة". وعليك أن تخبرني أين مكان الجلجثة هذا، أو تموت جوعًا. فأجابها يهوذا ثانية، أنا لا أعرف المكان ولا أستطيع أن أعرف لأني لم أكن قد ولدت بعد. حينئذ أمرت الملكة بأن يلقى في حفرة عميقة بدون أكل أو ماء. وبقى يهوذا في الحفرة سبعة أيام وسبعة ليالي. وبعد سبعة أيام صلي يهوذا صلاة قوية ، فخرج بخور عظيم من المكان الذي يوجد فيه الصليب، فحفروا ووجدوا ثلاثة صلبان. وتعرفوا على صليب السيد المسيح لما وضعوا ميت عليه فقام.


 عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين فرتلوا "يا رب ارحم" ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، فرفعت هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجثة وبنت فوقه الكنيسة المعروفة إلى يومنا هذا بكنيسة القيامة وكُرست في يوم 17 توت وهذا هو اليوم الذي تحتفل به الكنيسة القبطية بعيد الصليب بدلاً من اليوم الفعلي الذي أكتشف فيه (10 برمهات) لأنه غالبًا ما يأتي خلال الصوم الكبير ويصعب الأحتفال به كما يليق.


- يذكر غريغوريوس أسقف لاطور(594م) أن يهوذا الذي دل على مكان الصليب آمن وتعمد وصار أسقفًا على أورشليم باسم "كرياكوس" ثم صار شهيدًا.

- يتفق المؤرخ ثيؤدوريت مع المؤرخ سقراط، على أن الملكة هيلانة وجدت المسامير مع الصليب، فأرسلتها إلى ابنها قسطنطين. ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم أن الصليب لم يكن مجهولاً إذ وُجد كما هو في الوسط وعليه العنوان.


- ظهور آخر سجله القديس كيرلس الأورشليمي في رساله إلى قسطنطين يشير فيها إلى معجزة ظهور صليب كبير من النور رؤيا فوق أورشليم في 7 مایو 351م: " في هذه الأيام التي نحتفل فيها بعيد البنطبقستی في السابع من مايو حوالی الساعة الثالثة رؤی صلیب عملاق، من النور ظهر في السماء فوق الجلجثة المقدسة، منتشرة حتى جبل الزيتون، لم يراه واحد أو اثنين بل رأياه كل سكان المدينة، لم يكن خيالا أو تخیلا بل كان منظر ظاهرة مرئية لكل سكان الأرض لمدة ساعات. كان كمثل شعاع الشمس، 


وكان في لمعانه أكثر وضوحا من الشمس، هذا المنظر جعلهم يشعرون بالخوف المشوب بالفرح من ذلك المنظر السماوي، لم يراء الكبار فقط بل والصغار والنساء والرجال وكذلك المؤمنين والوثنيين. كل الذين كانوا في أورشليم وإرتفعت من الأفواه أناشيد التسبيح والتمجيد ليسوع المسيح ربنا، إبن الله الوحيد صانع العجائب».


- ظل الصليب في كنيسة القيامة وفي سنة 614 م كان كسرى ملك الفرس قد اجتاح أورشليم  وأسر الوف المسيحيين وفي مقدمتهم البطريرك زكريا، ونقلهم إلى بلاده، وأخذ  عود الصليب غنيمة في 15 مايو، وبقيت في حوزته أربع عشرة سنة.


- عام 628 م استطاع الأمبراطور البيزنطي هرقل الانتصار على الفرس، كانت أهم شروطه اطلاق المسيحيين وإرجاع خشبة الصليب المقدس. وكان كسرى الملك قد مات وملك مكانه ابنه، فقبل هذا بالشروط وأطلق الأسرى سالمين مع البطريرك زكريا بعد أن قضوا في الأسر 14 سنة، وسلّم خشبة الصليب إلى الأمبراطور هرقل وكان ذلك سنة 628م. فأتى بها هرقل إلى القسطنطينية التي خرجت بكل ما فيها الى استقباله بالمصابيح وتراتيل النصر والإبتهاج.


-   وبعد مرور سنة جاء بها الإمبراطور هرقل إلى أورشليم ليركز عود الصليب في موضعه على جبل الجلجثة. فقام لملاقاته الشعب وعلى رأسهم البطريرك زكريا، فاستقبلوه بأبهى مظاهر الفرح والبهجة بالمشاعل والترانيم وساروا حتى طريق الجلجلة. وهناك توقف الملك بغتة بقوة خفية وما أمكنه أن يخطو خطوة واحدة، فتقدم البطريرك وقال للملك: 


"إن السيد المسيح مشى هذه الطريق حاملاً صليبه، مكللاً بالشوك، لابساً ثوب السخرية والهوان، وأنت لابس أثوابك الأرجوانية وعلى رأسك التاج المرصّع بالجواهر، فعليك أن تشابه المسيح بتواضعه وفقره". فأصغى الملك إلى كلام البطريرك، وارتدى ثوباً حقيراً ومشى مكشوف الرأس، وتابع مسيره حافي القدمين حتى الجلجثة حيث رفع عود الصليب المكرّم فسجد المؤمنون على الأرض وهم يرنمون (لصليبك يارب نسجد ولقيامتك المقدسة نمجد) 


وكان ذلك في سنة 628 م. بعدها نقلت الذخيرة إلى إورشليم، بعد أن وُزعت أجزاء كثيرة منه على الكنائس في أنحاء العالم.  ويحتفل الغرب بعيد "رفع الصليب المقدس" نسبة لرجوعه بواسطة هرقل. 


مقال للباحث القبطي بيشوي فخري

Post a Comment

أحدث أقدم