القمص عبد المسيح صليب المسعودي البرموسي
هو ابن شقيق القمص عبد المسيح المسعودي الكبير وأيضًا ينتسب إلى بلدة الشيخ مسعود غربي طهطا ولهذا لُقِّب المسعودي.
و هو ثالث الأباء الذين تشابهت اسمائهم وهم :
+القمص عبد المسيح جرجس المسعودي المحرقي، الذي عاش اثنين وعشرين سنة راهباً بالدير المحرق، وتلمذ على يد القمص بولس الدلجاوي (القديس أنبا ابرام اسقف الفيوم) ،ثم ذهب إلى دير البرموس وهناك قضى بقية حياته.
+والقمص عبد المسيح المسعودي بن عبد الملاك المحرقي الأوسط الذي ترهّب وتنيح في الدير المحرق.
+والقمص عبد المسيح المسعودي الصغير البرموسي، الذي ترهّب وتنيح في دير البرموس وهو قديس اليوم.
وولد أبونا العلاّمة الطقسي في عائلة تقية، اخوه الراهب يعقوب البراموسي واختيه الراهبتان سفينة ويوستينة ابو سيفين والأم عزيزة و الأب موسى المسعودي و الأب يعقوب المسعودي و أبونا عبد المسيح جرجس المسعودي ...
ورث عن عمه حبه للرهبنة فذهب لدير البرموس ودخل الدير يوم الثلاثاء 7 مسرى 1589ش و ترهب على يد عمه في 17 طوبة 1592ش ، ورسم قسًا في يوم الأحد 7 بابه سنة 1592ش (1875م) وقمصا في 17 توت سنة 1607ش (1890م).
وكان له الفضل في النهضة العِلمية التي حدثت بدير البراموس؛ إذ قام بطبع الكثير من الكتب الكنسية والطقسية.. و احب القراءة والبحث و أصبح مسؤلاً عن المكتبة القديمة بالدير ولم يترك كتابًا في مكتبة الدير إلا وترك أثره فيه وكانت له يد بيضاء على المكتبة تشهد بذلك كل كتب المكتبة وصورته الموجودة في مدخل مكتبة الدير للمخطوطات ، وعلّم نفسه بنفسه لغات عدة قديمة وحديثة ، ولم يُهمل حتى دراسة اللغة العربية وكان قويًا فيها حتى كتب كتابًا في " قواعد كتابة الهمزات"! .
عاش راهبًا ناسكًا زاهدًا في الدير ، يشترى بكل ما يحصل عليه كتبًا يودعها مكتبة الدير أو البطريركية...وصرّح ذات مرة أنه لو كان غنيًا لأوقف كل ماله على الدير الذي يرجع إليه الفضل في تربيته وتعليمه... ولم يوجد في قلايته سوى أقلام و أحبار وورق و مخطوطات!!
وبسبب نسكه وتقواه تتلمذ عليه لفترة البابا كيرلس السادس و أبونا عبد المسيح المناهري. يشهد عنه الكل محبته للصلوات والتسابيح وقلما تأخر عن حضور صلوات المجمع في الدير.. وكان عدم وجوده في التسبحة يُعني شيئًا واحدًا هو مرضه الشديد!
لم يجتمع مع أحد إلا في الحديث عن الكنيسة وكتبها وطقوسها ، جادًا في حياته لطيفًا في كلامه، عارفًا بقيمة الوقت ، إذ أن الوقت عنده هو الصلاة والعلم، فكان أن الطعام لا يستحق أن يُفرد له وقتًا بل يأكل أثناء العمل أو القراءة ، وكان قليل النوم !
و عاش في الحياة الرهبانية حوالي 61 سنة ، و لم يُعرف بالضبط تاريخ ميلاه ، ولكنه يُرجح أنه عند توليه الانبا كيرلس الخامس كان عمره 26 عامًا وكان حديث العهد بالرهبنة ، فيكون عمره تقريبًا 87 سنة تقريبًا .
و كان أمينًا فيما ينسخه و يكتبه ويقارن النسخة بالنسخة و المخطوطة بالأخرى الادق ، وقد قال عنه العلاّمة الأستاذ يسى عبد المسيح أنه أبونا حدثه ذات مرة قائلاً :
" لسنا أفضل ممن سبقونا فأجادوا اللغتين – اليونانية والقبطية- حتى نغير ونبدّل في الكلمات اليونانية ونستعيض عنها بكلمات قبطية من عندنا" .
ويعد العمل الذي خلّد اسمه هو "الخولاجي الكبير" وهو أحسن ما ظهر حتى الآن في كتب الكنيسة القبطية الطقسية، و الذي كلفهّ عشرين عامًا حتى يخرج بكامل دقته وشموليته ومراجعته على عدة مخطوطات ، وكل كتبه هى مرجع بلا مراجعه شهد عنها كل علماء عصره و أحتفاظ أعظم مكتبات العالم في الدراسات القبطية بمؤلفات هذا الرجل.
و لم يخجل رغم علمه من ذكر تقصيره و عدم وصوله لقرار حاسم في قضايا فكرية لازالت معلقة لم يصل إليها لموقف حاسم.
و كانت كتبه التي تركها للأجيال على النحو التالي:
1- التحفة البراموسية : ولقد صدرت الطبعة الأولي منه عام 1925 ، و بدء في 1623ش وأنتهى منه في 1643ش أى استغرق عشرون عامًا في هذا الكتاب.( وهو كتاب وافيِ جامع لحساب استخراج الأعياد في الكنيسة القبطية والسريانية و الأرمينية و اليونانية).
2- الكرمة أو كتاب الكنز الثمين في كرمات المتقدمين :-وهو عمل مكمل للكتاب السابق ويقع في 442 صفحة ؛ وصدر عام 1927 . وهو عن حساب الأبقطي أيضًا.
3- الدرة النفيسة لحسابات الكنيسة :-وهو نبذة صغيرة عن الكتابين السابقين .
4- الخولاجي القبطي الكبير : ويعتبر من أفضل كتب الخولاجي التي صدرت ؛ ولقد صدرت طبعته الأولي عام 1902 . ولقد قام بعمل مقارنة للعديد من المخطوطات من أجل إنجاز هذا الخولاجي .وسجل فيه بعض القطع الليتورجية الرومية التي بطل استخدامها في عصره. وأعاد دير البرموس طباعته في 2002م
5- أبروسات الشماس : ويحتوي علي بعض مردات الشماس من طقوس ونصوص ؛ ولقد صدرت طبعته الأولي عام 1908 .
6- الإبصلمودية المقدسة السنوية : ولقد صدرت الطبعة في الإسكندرية عام1908 .
7- أسرار القداس الإلهي: ويحتوي علي الصلوات التي يتلوها الكاهن سر في صلوات القداس ؛ ولقد صدرت الطبعة عام 1925 .
8- ملخص تاريخ الميرون-: بناء على طلب أحد الآباء المطارنة وهو الأنبا باسيليوس مطران بني سويف وطبع عام 1931 .
9- كتاب الأجبية أو السبع صلوات .
10- الأساس المتين في ضبط لغة المصريين : وفيه يشرح قواعد اللغة القبطية ؛ ولقد صدرت طبعته الأولي عام م1885 .
11- تكميل الشروحات في قواعد كتابة الهمزات.
12- تحفة السائلين في ذكر أديرة رهبان المصريين : وهو من أهم الكتب في تاريخ الرهبنة ؛ ولقد صدرت طبعته المتداولة عام 1932 .
و أيضًا :"إرواء الظمأن من ينابيع قانون الإيمان" وأرجع فيه كل كلمات "قانون الإيمان" للكتاب المقدس .
وكانت كل كتاباته لسد فراغات في المكتبة القبطية في عصره، وهذا بالأضافة لمقالات هامة في "مجلة الحق" ، و"مجلة الكرمة".
وكان يُراجع الكتب والمقالات عشرات المرات للفحص و التفتيش و التحقيق غير عابئ بالوقت والجهد و الورق!
وساهم مع القمص سيداروس اسحق كاهن شبين الكوم في وضع قسمة للأبن تقال في صوم الرسل التي مطلعها :
"أنت هو كلمة الآب . الإله الذي قبل الدهور رئيس الكهنة الأعظم..." و طبُعت لأول مرة في الخولاجي الذي طبعه.
كما ترجم القسمة السريانية : " هكذا بالحقيقة تألم كلمة الله بالجسد.." من العربية للقبطية .
و صحح القسمة التي تُقال في أعياد القديسين والملائكة : " هوذا كائن معنا على هذه المائدة اليوم...." إذ كانت تحوي بعض أخطاء على حد قوله بمراجعتها على ست نسخ أخرى.
أخيرًا تنيح بسلام في 15 مارس 1935 م.
مراجع :
- يسى عبد المسيح ، " القمص عبد المسيح صليب المسعودي البرموسي" ، مقال في مجلة مدارس الأحد ، السنة الثانية عشر ، 1958م ، أعُيد نشرها في رسالة مارمينا السادسة عشر في الدراسات القبطية الجزء الثاني 1998م ، صـ 177-180. ، ومجلة الكرازة في 10 مارس 2017م صـ20.
- إيريس حبيب المصري، قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الخامس .
- القمص تادرس يعقوب ملطى، قاموس آباء الكنيسة وقديسيها.
- القس باسيليوس صبحي، تاريخ الطقوس الكنسية، معهد الرعاية والتربية(مذكرة) 2019م، صـ105، 106.
مقال للباحث القبطي "بيشوي فخري"
إرسال تعليق