تحديد ميعاد عيد " الفصح المسيحى " فى القرون الأولى للمسيحية وحتى مجمع نيقية المسكونى 325م


تحديد ميعاد عيد " الفصح المسيحى " فى القرون الأولى للمسيحية وحتى مجمع نيقية المسكونى 325م

تحديد ميعاد عيد " الفصح المسيحى "
فى القرون الأولى للمسيحية وحتى مجمع نيقية المسكونى325م
(عرض تاريخى موجز)

I. مقدمة عامة
          يرتبط كل من عيدى " القيامة " و" الخمسين " دائمًا ببعضهما البعض . وهما يعتبران من الأعياد المسيحية القديمة ، حيث كانت الجماعات المسيحية الأولى تحتفل بهما سنويًا. وقد ورد ذكر هذان العيدان فى كل من كتاب العهد الجديد وتعاليم الآباء الرسل الاثنى عشر[1]. أما بالنسبة "لتلاميذ الرب" الذين اعتُبر أنهم يشكلون الجماعة المسيحية الأولى، فقد كان هذان العيدان بالنسبة لهم عبارة عن ذكرى سنوية لموت الرب يسوع وقيامته .
          وفى الواقع فإن " إفخارستية الجماعة " كانت هى الاحتفال الأصلى والأقدم بالنسبة للمسيحيين ، لأن الرب نفسه يكون حاضرًا فيها .
          وما نطلق عليه اليوم " الفصح "، كان المسيحيون الأولون يسمونه " الخمسين". "فالفصح" أى " البصخة " كان من ضمن فترة " الخمسين " .
          ولكن من أين أتى أصل هذا العيد (أى الفصح)؟ إن الاسم يشير فى حد ذاته إلى ذلك . فلا أحد يشك أن فصح المسيحيين يُستخدم فيه نفس كلمة "الفصح" اليهودى " פסת " (بصاخ). فالمسيحيون الأولون كانوا يهودًا وقد احتفلوا بالفصح كيهود، ولكن قليلاً قليلاً وتدريجيًا انفصلوا تمامًا عن اليهود وتقاليدهم .
          إن الجماعات المسيحية الأولى ظلت فى البداية داخل إطار العبادة اليهودية . وقد مارسوا كيهود التقاليد اليهودية ولكن ظاهريًا . لذلك نجد أنه نشأت مبكرًا صلوات مسيحية خاصة وكذلك أعياد مسيحية ، وتشير فى طريقتها من حيث الصلوات والاحتفالات إلى ارتباطها بالعبادة اليهودية. ولكن المسيحيون بدأوا ينفصلوا عن اليهودية ويتراجعوا عن عوائدهم اليهودية ، فمثلاً نجد أنهم كانوا يصومون يومى الأربعاء والجمعة بدلاً من يومى الاثنين والخميس اللذين كانا يصومهما اليهود. وقد أمرت الديسقولية بذلك وعللت السبب فى اختيار يوم الصوم، أى الأربعاء والجمعة حيث يرتبطان بيوم القبض على المسيح ، ويوم صلب المسيح: [ لا تصوموا مع المرائيين ، فإنهم يصومون اليوم الثانى واليوم الخامس من الأسبوع ، أما أنتم فصوموا الرابع (الأربعاء) والاستعداد (الجمعة) paraskeu»][2].
كذلك الحال بالنسبة لاحتفال الأحد الذى يميز المسيحيين عن اليهود الذين يحتفلون بالسبت.
          فانفصال المسيحيين عن الأصوام اليهودية والعبادات والأعياد اليهودية يعود إلى العصور الأولى المبكرة للمسيحية . ولكن الشيء العجيب هو أن المسيحيين ظلوا فترة يحتفلون بالفصح المسيحى فى نفس توقيت احتفال اليهود أنفسهم بالفصح اليهودى . كما أنه حتى نهاية القرن الثانى الميلادى احتفلت جماعات كبيرة من المسيحيين فى منطقة آسيا بالفصح المسيحى فى اليوم الرابع عشر من نيسان ، أى فى نفس توقيت الفصح اليهودى.

إيضاح الاصطلاحات :
          نحاول الآن إيضاح مفهوم كل من كلمتى " البصخة " ( Pascha ) و " الخمسين "         (Pentekoste) على النحو التالى :
          1 ـ " Pascha ": هو أصلاً اسم " احتفال الفصح " اليهودى والذى صار كتذكار سنوى لخلاص الشعب اليهودى ونجاته من مصر ، من خلال أكل خروف الفصح فى ليلة الرابع عشر من نيسان إلى الخامس عشر من نيسان كما هو مذكور فى سفر الخروج الإصحاح الثانى عشر . فيُقال عن العيد بالعبرية "  Pesach " وبالآرامية " Pascha " . وكان يتم الاحتفال بالعيد فى الرابع عشر من نيسان وحتى الساعة الأولى من ليلة الخامس عشر من نيسان . يتبع ذلك "عيد الفطير " (Mazzot) ولمدة سبعة أيام ، الذى يبدأ من 15 نيسان حتى 21 نيسان (راجع عدد16:28). وفى الاستخدام اللغوى الشائع يُشار بالـ Paschaإلى كل من العيدين معًا (أى الفصح والفطير). ونجد ذلك فى استخدام الإنجيليين لهذا التعبير ، مثلما جاء فى إنجيل لوقا (1:22): "وقرب عيد الفطير الذى يُقال له الفصح". كما أن القديس بولس الرسول يعبر عن ذلك فى (1كو7:5) : " إذًا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكى تكونوا عجينًا جديدًا كما أنتم فطير. لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذُبح لأجلنا " . فذبح الخروف هو أساس وبداية عيد الفطير(Azymen) ويلاحظ فى هذه الآية للقديس بولس الرسول التغيير المسيحى لمعنى العيد ، ولكنه احتفظ فى الآية بالتفسير التيبولوجى للعيد .
          2 ـ " Pentekoste ": وباليونانية يُسمى " ¹ penthkost» ¹mšra " فالكلمة أو ذلك التعبير يشير إلى عدد رقمى وهو " خمسون يومًا "، وهنا يعنى " عيد الخمسين " ، وهو يوم تقديم الحِزم . فبحسب التقاليد اليهودية المتداولة فإنه يُحسب من 16 نيسان سبعة أسابيع، وعلى ذلك فإن يوم الخمسين يقع بالتحديد عند تمام خمسون يومًا بعد 15 نيسان . وبالنسبة للعدد " خمسين " يُلاحظ مضاعفات الرقم المقدس سبعة. فنجد فى سفر طوبيا 1:2 أنه يُقال الآتى : [ فى عيد الـ Pentekoste ، الذى هو عيد الأسابيع السبعة ] .
          أما فيلون الأسكندرى فيشير إلى رمز هذا الرقم فيقول على سبيل المثال[3]: [ من هذا اليوم (تقدمة الحزمة) سبعة أسابيع يكون اليوم المحسوب الذى فيه تقديم الحنطة ]؛ ويضيف فى موضع آخر[4]، المعنى الرمزى لمفرد العدد (أى رقم 50): [ يكون الاجتماع للعيد مع الحِزم ، ويمكن القول إنه هناك احتفال أكبر (أى الفصح) قبل الاحتفال بيوم الخمسين، لأنه من هذا اليوم يُحسب خمسون يومًا بسبعة أسابيع ، وفيه يُختم بالرقم المقدس المفرد (خمسون)]. فنجد أن فيلون الأسكندرى يسهب بقدر أوسع حول المعنى الرمزى للرقم خمسين ، وأيضًا فيما يختص بعيد تقديم الحنطة يوم الخمسين .
          وفى الآداب الرابونية يُقال عادة " الخمسون " بمعنى " عيد الختام " أى ختام الفصح ، حيث إنه يرتبط بالفصح برابطة قوية . ولكن لا يعنى ذلك إطلاقًا أن كل الفترة (أى عيد الفصح وعيد الخمسين) هى عيد واحد ، بل الأرجح أنه كان يُحتفل بالفصح فى فلسطين فى يوم واحد ، وفى خارج فلسطين كان يتم الاحتفال يومين كتعبير شكر لحصاد الحنطة .
          ويتكلم سفر الأعمال عن يوم الخمسين هكذا : [ وفى تمام أيام الخمسين ] (أع1:2)، بمعنى : " عندما أتى يوم الخمسين بعد الفصح "، وهذا يعنى خمسون يومًا بعد الفصح اليهودى ؛ وبسبب حلول الروح القدس فى هذا اليوم صار عيدًا للمسيحيين ، وقد اعتُبر فى القرن الأول فقط ـ فى اتحاد مع عيد الفصح الكبير. والرسول بولس يكتب فى (1كو8:16): [ولكننى سأمكث فى أفسس إلى يوم الخمسين ] .

II. الفصح اليهودى

          كان "الفصح اليهودى" عبارة عن عبادة، حيث يستحضر فيه إسرائيل نجاته من عبودية أرض مصر. وكان يهوه هو مركز الاحتفال والذى هو أساسًا يعتبر موضوع قصة هذا الخلاص .
          وقد حدث إصلاح عام 621 ق.م. فى زمن يوشيا الملك حيث ربط احتفال الفصح ـ والذى كانت تحتفل به كل عائلة على حده ـ باحتفال الـ Mazzot (الفطير) وذلك فى هيكل أورشليم[5]. فكان الفصح هو العيد الذى فيه تجتمع كل الجماعات المقدسة لكى يقدموا السجود والشكر لله بالطهارة[6]. وبهذا كان العيد عبارة عن احتفال تحج إليه الجموع من كل الأمة اليهودية .
          ويُقدر عدد الزوار فى الأزمنة الأخيرة قبل خراب الهيكل بحوالى 85000 ـ 125000 زائر سنويًا وذلك لحضور الفصح فى مدينة أورشليم . وفى القرون السابقة على المسيحية كان عدد المشاركين فى العيد كبيرًا وكانت خراف الفصح تُذبح فى ساحة الهيكل ولكن لم تعد تؤكل هناك [7].
          إلى جانب أن الفصح كان عبارة عن تذكار لقصة خلاص شعب بنى إسرائيل فى الماضى من أرض مصر ، فكان هناك مفهوم آخر وهو أنه فى الفصح اليهودى يكون انتظار للمسيا الآتى . ففى الفصح ينبغى أن يظهر المسيا. فالأحداث الأربعة الجوهرية لقصة الخلاص التى تقع فى " ليلة الانتظار هذه " [8]:
1 ـ فهى ليلة الخلق                   
2 ـ ليلة عهد ابرآم          
3 ـ ليلة التحرر من عبودية مصر
4 ـ ليلة الخلاص الوشيك الوقوع حيث سيأتى فوق السحب كل من موسى والمسيا .

III. الفصح المسيحى

          أقدم الشهادات التى تتكلم عن الفصح المسيحى توجد فى " رسالة الرسل " (Epistola Apostolorum) (فى القرن الثانى الميلادى وربما تكون هذه الرسالة قد كُتبت بين عامى 130ـ140م) [9].
حيث يذكر النص القبطى فى رسالة الرسل الآتى :
          [ وتذكرون موتى. فعندما يوجد الفصح ، فحينئذ واحد منكم أنتم الذين تقفون معى، سيُلقى فى السجن لأجل اسمى وسيكون مغمومًا وحزينًا لأنكم تحتفلون بالفصح بينما هو ملقى فى السجن وبعيدًا عنكم ؛ وسيكون حزينًا لأنه لا يحتفل معكم بالفصح . ولكننى سأرسل قوتى على هيئة ملاك، وسيفتح له باب السجن وسيُحضر إليكم ليلة السهر لكى يسهر معكم ويبقى معكم. وعندما تنتهون من وليمة الأغابى التى هى لى وكذلك تذكارى، وذلك عند صياح الديك ... سيؤخذ ثانية ويُلقى فى السجن للشهادة]. ثم يسأل التلاميذ الرب: [يارب هل من الضرورى أن نأخذ الكأس ونشربه ؟ فقال لهم : نعم ، إنه ضرورى حتى ذلك اليوم الذى سآتى فيه من الآب ... فالمجيء سيكون بين الفطير والخمسين ] .
          يُلاحظ من هذا النص أن الفصح هو احتفال تذكارى شامل لموت المسيح. حيث يبدأ فى الليل: لذلك يسهر المؤمنون ويصومون حتى أول صياح الديك وفيه ينتهى الاحتفال بوليمة الأغابى، ثم يدور الحديث عن شرب الكأس والذى يُسمى أيضًا الفصح. وأن الاحتفال ينبغى أن يتم حتى "الظهور" أى ظهور المسيا (Parous…a) والذى كانوا يترقبون حدوثه فى الفصح .
          إن الرسالة تتحدث عن احتفال الفصح على أنه قائم بذاته ، حيث تذكر الرب القائم . وعلى الرغم من أن الرسالة وهى تتكلم عن الاحتفال السنوى للفصح، والذى يتبع زمنيًا وتيبولوجيًا الفصح اليهودى كمعياد لموت المسيح ، فإنها لا تؤيد تثبيت الاحتفال بالفصح فى الرابع عشر من نيسان . وحيث إن الرسالة لا تنتمى إلى رأى الأربعشريين ، إلاّ أنها ـ كما يبدو ـ يكون منشأها الأصلى فى آسيا الصغرى [10].

IV. من هم الأربع ـ عشرية
          يسجل لنا سنكسار الكنيسة القبطية تحت يوم الرابع من شهر برمهات (بدون ذكر العام) أنه [ عُقد مجمع مكانى مكون من 18 أسقفًا بجزيرة بنى عمر لحرمان قوم يُقال لهم الأربعتعشريين . والسبب فى انعقاده هو أن مسيحيِّ آسيا الصغرى والعراق (ما بين النهرين) وسوريا كانوا يعيدون عيد القيامة مع اليهود فى اليوم الرابع عشر من نيسان فى أى يوم اتفق من أيام الأسبوع مُدعين أنهم تسلموا هذا من بوليكاربوس تلميذ يوحنا الإنجيلى ] .
          فى الواقع أن القرن الأول للمسيحية لم يسجل لنا حساب دقيق لعيد القيامة أو الفصح المسيحى، فكان المسيحيون يحتفلون بالفصح فى نفس وقت احتفال المجمع اليهودى . وظل المسيحيون فى كنائس آسيا الصغرى يحتفلون بالفصح فى نفس اليوم مع اليهود، أى فى مساء الرابع عشر من نيسان ، وذلك طوال القرن الثانى الميلادى . وقد اخبرنا أوسابيوس فى كتابه الرابع من تاريخ الكنيسة[11] أن ميليتيوس أسقف ساردس يذكر فى كتابه " عن الفصح " أنه نشأن عام 170م نزاع فى اللاذقية بمنطقة آسيا الصغرى حول الفصح. ويعتبر ميليتيوس أنه من أنصار رأى الأربعتعشرية حيث دافع عن هذا الرأى . وقد اكتُشفت فى السنوات الأخيرة بردية تحتوى على إحدى العظات الفصحية لميليتيوس وتبدأ كالتالى : [ يُقرأ كتاب الخروج العبرى وتُفسر كلمات السر الذى تحتويه ، وكيف يُذبح الخروف وكيف يخلص الشعب] [12].
          من هذه الكلمات نجد أن ميليتيوس يريد أن يوضح الفصح بحسب معناه التاريخى الزمنى على أنه ذبيحة المسيح. ثم يتبع ذلك شرح عن المفهوم الباطنى العميق للفصح، والذى تشتق من الكلمة p£scein (باسخين)، وعن مفهوم ذبيحة المسيح الخلاصية والتى أُشير إليها بواسطة هابيل، ويوسف، والأنبياء. بعد ذلك يصف ميليتيوس فى عظته، عمل المسيح الخلاصى فيقول:[من هو الذى أقامنى؟ إنه يقف أمامى (يتقدمنى) ويقول: أنا حررت المُدانين، وأعطيت الحياة للميت، وأقمت الراقدين ... أنا غلبت الموت، انتصرت على الأعداء، نزلت إلى العالم السفلى، ربطت القوى، رفعت الإنسان إلى العلا... لذلك تعالوا إلىَّ هنا يا كل جموع البشر ، أيها الملطخين بالخطايا، وأقبلوا غفران خطاياكم ، أنا هو مخلصكم ، أنا هو فصح خلاصكم ] [13].
          كما هو واضح من النص فإن موضوع قيامة المخلص بجانب الآلام يحتل مكانًا فى الصدارة ، ولذلك لا نكون فى هذه العظة أمام عظة فى يوم الجمعة العظيمة، وفى الواقع أنه فى منتصف القرن الثانى لا يمكن التكلم عن " جمعة عظيمة " .
          فحيث إن ميليتيوس ينتمى إلى الأربعتعشرية ، لذلك فهذه العظة تشير إلى أن جماعة الأربعتعشرية احتفلوا فى أعيادهم الفصحية ليس فقط بموت الرب ولكن أيضًا بقيامته .
وفى عام190م حدث نزاع مسكونى بسبب انعقاد مجمع رومانى دعا إليه فيكتور الأول أسقف روما (189ـ198) وفيه طلب من كل كنائس العالم أن تتبع التقليد الرومانى. وعلى الكنائس أن تقطع علاقاتها مع كنائس آسيا الصغرى والكنائس التى تتبع تقليدها الأربعتعشرى.
          وقد أخبرنا أوسابيوس[14] أن أبولليناريوس أسقف هيرابوليس فى فريجية قد ذكر فى إحدى الفقرات من كتابه الأول عن " زمن الفصح " (Chronicon Paschale) الآتى:
          [ هناك أناس يتنازعون بجهلٍ... ويقولون إن "السيد" (kÚrioj) قد أكل الفصح فى الرابع عشر مع تلاميذه ، وتألم فى اليوم العظيم من الفطير ، ويؤكدون أن متى الإنجيلى قال هذا ، وعلى ذلك فإن اعتقاداتهم لا تتفق مع (الشريعة) ، وأن الأناجيل ـ بحسب اعتقادهم ـ غير متحدة مع بعضها البعض ] . ثم يستطرد قائلاً : [ الرابع عشر هو الفصح الحقيقى حيث الرب ذاته هو الذبيحة العظمى ؛العبد المتألم  بدلاً من الحمل ، هو الرابط الذى يقيد الأقوياء ، والعادل الذى يدين الأحياء والأموات ، وهو الذى سُلّم لأيدى الخطاة لكى يُصلب .. والذى طُعن جنبه وتُرك ليتدفق منه وسيلتين للتطهير : الماء والدم ، الكلمة والروح ، الذى قُبر فى يوم الفصح حيث وُضع فى القبر ] [15].
          أبولليناريوس أسقف هيرابوليس يحارب أولئك الذين يعتقدون أن موت الرب بحسب إنجيل متى كان فى اليوم الـ15 من نيسان ، وأنه أكل الفصح اليهودى مع تلاميذه فى 14 نيسان ؛ ولكنه ـ أى أبولليناريوس ـ يؤيد ما جاء فى إنجيل يوحنا أن الرب مات فى 14 نيسان أى فى يوم جمعة الفصح والتى يُطلق عليها " الاستعداد " (paraskeu») ، وذلك فى نفس وقت ذبح خراف الفصح ، لأنه هو ذاته حمل الله الحقيقى المذبوح على الصليب . فيوحنا لا يسمى الفصح الأخير للرب مع تلاميذه أنه عشاء الفصح. وعلى ذلك يكون التقليد بحسب إنجيل يوحنا هو الاحتفال فى 14 نيسان لذكرى موت الرب ، وكتحقيق رمز الفصح اليهودى بصورة نهائية . لذلك نجد أن تعاليم القديس يوحنا الإنجيلى عن الفصح تتفق مع تعاليم القديس بولس حيث يقول : " وكما ذُبح المسيح فصحنا " ، لذلك علينا أن نأخذ وليمة العيد وهى عبارة عن نوال الإفخارستيا التى أظهرت المعنى الحقيقى للاحتفال فى العهد الجديد. لذلك يكون مفهوم موت المسيح وتذكاره السنوى هو عبارة عن تحقيق مفهوم الفصح فى العهد القديم ، وإعطاء احتفال الفصح المسيحى منذ البدء بُعدًا آخر حيث يكون مركز هذا الاحتفال هو الإفخارستيا[16].
          بالنسبة لكليمنضس الأسكندرى فى معالجته لموضوع الفصح ، والذى كتبه بسبب ما قاله وكتبه ميليتيوس أسقف ساردس عن الفصح، نجد أنه يتفق مع إنجيل يوحنا فى أن 14 نيسان هو يوم موت المسيح ، حيث يذكر الآتى :
          [ لقد أكل الرب الفصح اليهودى فى السنوات الأولى وأيضًا احتفل بالعيد (قبل خدمته العلنية)، ولكن عندما بدأ يعلم الجموع ، أوضح أنه هو الفصح ذاته وأنه حمل الله، حيث إنه اقتيد مثل حمل للذبح. وعلى أى حال فإن التلاميذ أكملوا تحقيق هذا " المثال " (tÚpoj) فى الثالث عشر من نيسان. وتبع هذا اليوم تقديس الفطير والاستعداد للعيد . ولذلك يكتب القديس يوحنا الإنجيلى أنه فى هذا اليوم غسل الرب أرجل التلاميذ الذين كانوا يستعدون للعيد . لكن المسيح تألم فى اليوم التالى لأنه الفصح الحقيقى الذى قُدم ذبيحة]؛ ويستكمل قائلاً: [طبقًا لذلك فإنه فى اليوم الرابع عشر وهو يوم آلامه (أى المخلص) فإن رؤساء الكهنة والكتبة ذهبوا صباحًا واقتادوه إلى بيلاطس ولم يدخلوا البلاط لئلا يتنجسوا وبهذا لا يمكنهم الأكل من الفصح فى المساء . لذلك نجد أن الكتابات تتفق مع بعضها البعض فى تحديد هذا اليوم، وكذلك يتحد فى الرأى كل الإنجيليين مع بعضهم البعض. وبهذا تتفق أيضًا شهادة القيامة . فقد قام الرب فى اليوم الثالث ، وهو اليوم الأول للأسابيع السبعة للحصاد، حيث تقدم فيه الحِزم ، بحسب ما هو مكتوب فى شريعة الكهنة ] [17].
          فذبيحة موت المسيح ، كما يقول كليمنضس، هى تحقيق لذبيحة خروف الفصح فى العهد القديم، لأن المسيح ذاته هو الفصح الحقيقى والأبدى . فمضمون احتفال الفصح المسيحى يكون هو المسيح ذاته الذى قدم نفسه للموت لأجل خلاص العالم وأقامنا معه .
          بالنسبة " لنزاع احتفال الفصح " فى القرن الثانى يخبرنا عنه أوسابيوس فى تاريخ الكنيسة  على النحو التالى [18]:
          [ فى زمن هؤلاء الرجال (الأسقف فيكتور الرومانى) أُثير موضوع نزاع ليس له معنى. فالجماعة فى كل آسيا اعتقدوا بأنه يجب التمسك باليوم الرابع عشر للشهر (نيسان) "عيدًا لفصح الخلاص " (tÁj toà swthr…ou p£sca ˜ortÁj) (تيس تو سوتيريِّو باسخا إأورتيس) وذلك حسب التقليد القديم المتوارث . فى هذا اليوم أُمر اليهود بأن يذبحوا الخروف، فيجب أن يتمم كسر الصوم فى هذا اليوم مهما وقع من أيام الأسبوع . ولكن هذا التقليد لم يسر بالنسبة للكنائس فى كل الأرض . فقد حفظوا بحسب التقليد الرسولى ـ أنه يُسمح بكسر الصوم فقط فى يوم قيامة مخلصنا (أى فى يوم الأحد. وحدثت بناء على ذلك اجتماعات ومشاورات من الأساقفة ، واشترك الكل فى إجماع عام من خلال خطاب للمسيحيين فى كل الأرض كقرار كنسى بأنه لا يُسمح بالاحتفال بسر قيامة الرب من الأموات فى يوم آخر بخلاف يوم الأحد، حيث يُسمح لنا (نحن المسيحيين) فى هذا فقط بكسر صوم الفصح. كما وَرَدَ خطاب من كل أساقفة فلسطين المجتمعين وعلى رأسهم ثاوفيليس أسقف كنيسة قيصرية، وناركيسوس أسقف أورشليم؛ وكذلك من الأساقفة المجتمعين فى روما من الأسقف فيكتور حول نفس موضوع النزاع؛ هذا بالإضافة إلى أحد أساقفة بنطس وأبرزهم فى الأقدمية بالاماس؛ وخطاب آخر من الكنائس فى الغال (فرنسا) وهو الأسقف إيريناؤس ، وأيضًا رسالة من أسقف كنيسة كورنثوس ، وآخرون كتبوا كذلك فى هذا الموضوع . وقد أيَّد الجميع نفس الرأى وأعطوا نفس الحكم ].

تعقيب على التقليد الأربعتعشرى :
          فى الواقع يتفق كثيرون فى الرأى بأن التقليد الأربعتعشرى لا يُعتبر هرطقة ولكنه ليس شيئًا آخر غير التمسك بالعيد والالتزام بالقديم. لذلك نجد أن المعارضين لهذا التقليد ـ وكانوا سنة 200 يمثلون الغالبية ـ لم يتنازعوا حول حساب عيد القيامة، ولكن فقط أن "ليلة الفصح" (Vigilie) يجب أن تكون مساء السبت إلى الأحد ، كما أنه يجب أن يقع يوم الفصح دائمًا فى يوم الأحد. وقد حددوا هذا الأحد بأن يقع دائمًا بعد الفصح اليهودى.. وقد ساد فى القرن الثالث تقليد فى كل من الأسكندرية وروما بأن يقع أحد الفصح بعد الفصح اليهودى وذلك بواسطة محاولات حسابية فلكية عندما يصير القمر بدرًا [19].


أ ـ الربط بين الفصح اليهودى وفصح الأربعتعشرية :
          1 ـ سبق أن ذكرنا أن الفصح اليهودى يسمى "فصح الانتظار"، ونفس فكرة " الانتظار" نجدها فى الفصح المسيحى. فالمسيحيون الأولون ينتظرون فى ليلة الفصح " ظهور "        (Parous…a) الرب. وقد وُجد هذا المعنى فى "رسالة الرسل"(Epistola Apostolorum) كما وُجد أيضًا فى بعض النصوص المتفرقة .
          2 ـ ولا ينحصر اتفاق الفصح المسيحى مع الفصح اليهودى فى ميعاد الاحتفال، ولا فى مفهوم الانتظار الإسخاتولوجى لهما، ولكن هناك نقط اتفاق أخرى بين الفصحين (وللأسف لا يوجد لدينا مصادر متوفرة بشأن هذا الموضوع فى الزمن المبكر للفصح المسيحى). فمثلاً نجد فى إحدى كتب الفصح اليهودى Pesachiem الفصل العاشر فقرة 1 (Pes 10:1) يسأل أحد الصغار المشاركين فى الفصح عن مفهوم هذه الليلة فيجيبه رب الأسرة ويقص عليه قصة الخروج كما هو مذكور فى سفر التثنية(5:26ـ11). وهنا نجد 3 خصائص مميزة للعشاء الفصحى: خروف الفصح، الخبز غير المختمر (الفطير)، الأعشاب المرة .
          نفس الشيء نجده فى احتفال الفصح المسيحى فى الزمن المبكر مع شئ من الاختلاف ، فلا يُقرأ (تث5:26ـ11) ولكن يكون الحديث عن الفصح كما جاء فى سفر الخروج12 . ثم يتبع القراءة تفسير النص . والشهادة المباشرة عن هذا التقليد توجد فى عظة الفصح لميليتيوس أسقف ساردس ، حيث يقول الآتى : [ يُقرأ كتاب الخروج العبرى ثم توضح كلمات السر، وكيف يُذبح الخروف ، وكيف يخلُّص الشعب ].
          3 ـ فى الفصح اليهودى تُقرأ مزامير " الهلليل " (مز113ـ118) بتراتيل متنوعة . والنصف الأول لهذه "الهلليل" الفصحية (مز114،113) تُنشد بعد الفصح كما هو مكتوب فى الهاجّادا (Haggada)[20]ـ إيضاح مفهوم هذه الليلة ـ والنصف الثانى من مزامير " الهلليل " (مز115ـ118) تُنشد بعد العشاء . فى هذه الأثناء تُعطى أهمية خاصة للمزمور الختامى 118 . وبالذات الأعداد من 25ـ29 والتى تُفهم على أنها " إعداد ليتورجى لظهور المسيا " حيث تُقرأ بالتبادل من المرنمين :
آه يارب خلّص                                  آه يارب أنقذ
مبارك الآتى باسم الرب                باركناكم من بيت الرب
الرب هو الله وقد أنار لنا              أوثقوا الذبيحة بربط إلى قرون المذبح
إلهى أنت فأحمدك                              إلهى أنت فأرفعك
احمدوا الرب لأنه صالح               لأن إلى الأبد رحمته.
          هذه الأعداد من المزمور تصف الحدث فى يوم الظهور . أما العدد 24 من نفس المزمور فهو يصف هذا اليوم الخاص بظهور المسيا : [ هذا هو اليوم الذى صنعه يهوه ] .
          فى العهد الجديد يظهر هذا المفهوم فى قصة دخول المسيح إلى أورشليم ، ويدل على معرفة المفهوم المسيانى للمزمور فى العهد الجديد حيث إن كلمات المزمور 118 تشير إلى المسيح الآتى . فيذكر إنجيل متى 9:21 الآتى : " والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أوصنا لابن داود . مبارك الآتى باسم الرب . أوصنا فى الأعالى " .
          وتخبرنا مصادر القرنين الثانى والثالث[21] عن أهمية استخدام المزمور 118، سواء لفصح الأربعتعشرية أو الاحتفال بالفصح يوم الأحد . هذا بالإضافة إلى أن العظات الفصحية للقرنين الرابع والخامس تشير إلى أهمية هذا المزمور. كما تؤكد مصادر الكنيسة الشرقية والكنيسة اللاتينية أن " مزمور الفصح " 118 كان يُستخدم فى صلوات الليتورجيات فى أحد القيامة فى القرن الرابع [22].
          ويجب ملاحظة أن هذا الطقس الفصحى فى استخدام المزمور مازال يستخدم فى طقس قداسات الكنيسة القبطية ، فنجد أنه عند تقديم الحمل يقوم الكاهن والشمامسة بما يسمى بدورة الحمل، حيث إن القربانة التى اختيرت لتُعد أمام المذبح لتصير جسد الرب يسوع خلال صلوات الليتورجية ، يمسكها الكاهن بيده ويتحرك فى دورة كاملة حول المذبح مصحوبًا بفرقة من الشمامسة يتقدمونه وآخرون يتبعونه حاملين الشموع وفى هذه الأثناء يهتف الشعب مرددًا كلمات المزمور 24:118ـ26 : " هذا هو اليوم الذى صنعه الرب . نبتهج ونفرح فيه. يارب خلصنا . يارب سهل سبلنا . مبارك الآتى باسم الرب . هلليلويا ] . وهذا المنظر الذى يتم داخل الهيكل هو تجسيم حقيقى أو ذكرى حاضرة لما وصفته الأناجيل عند دخول الرب يسوع إلى أورشليم ليُذبح عن خلاص العالم .
          فى الفصح اليهودى يُفهم هذا المزمور بالمعنى الإسخاتولوجى حيث يصف الظهور الآتى للمسيا. " فاليوم الذى صنعه يهوه " بحسب التفسير اليهودى هو يوم ظهور المسيا. وقد فهمه المسيحيون الأولون هكذا أيضًا ، وهنا نجد ارتباط قوى بين الفصح اليهودى وفصح الأربعتعشرية حيث يحتل هذا المزمور مكان الصدارة فى الاحتفال بالفصح، وكلاهما فى انتظار المسيا فى ليلة الفصح. وقد لوحظ ذلك فى عظات فصحية مبكرة كما سبق وأشرنا عن عظة ميليتيوس أسقف ساردس الفصحية .
          ولكن فى عظات فصحية متأخرة فإن كلمات المزمور " اليوم الذى صنعه الرب " تشير إلى يوم قيامة المسيح . فهو اليوم الفريد والفائق، ففى هذا اليوم الذى لا يسود فيه أى ظلام ، يسميه القديس غريغوريوس النازينزى أنه : " أكروبول (رأس) كل الأعياد"[23]، وفيه يضع الله نهاية لأعياد غير المؤمنين من الوثنيين وكذلك نهاية للفصح اليهودى .
          هذا اليوم الفريد بين كل الأيام المختلفة يُستعاد كحاضر حى فى كل احتفال فصحى ، فهو اليوم الذى تتبدد فيه الظلمة. وقد استخدم القديس أغسطينوس هذا المزمور 24:118 لوصف المُعمّدين الجدد فى الكنيسة وكذلك أثناء عظاته الفصحية فى الكنيسة. فالمُعمّدين الجدد هم "اليوم الذى صنعه الرب " حيث إنهم فى المعمودية والتى هى مشاركة فى موت المسيح وقيامته، يصيرون أنوارًا حيث ينعكس فى داخلهم يوم القيامة الذى جلب النور للعالم[24].
          ويسجل هيرونيموس فى إحدى عظاته على إحدى قراءات أحد القيامة ، تفسيرًا للآية 19 من المزمور118 : " افتحوا لى أبواب البر. أدخل فيها وأحمد الرب " حيث يشير فى تفسيره إلى الرب القائم الذى كان قد نزل إلى الجحيم وهو الآن فى السماء قائمًا عن يمين الآب ، ثم ينتهى بالعدد 24 "يارب خلصنا، يارب أنقذ ". ولكن هيرونيموس ينفرد عن سابقيه من الآباء فى شرحه للعدد24: "هذا هو اليوم الذى صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه"، حيث إنه لا يفهمه فقط على أنه يشير إلى يوم القيامة وكل احتفال تذكارى سنوى لهذا اليوم، ولكن يفهمه على أساس أنه يشير إلى كل يوم أحد. فيوم الأحد هو تذكار أسبوعى لليوم الذى صنعه المسيح بقيامته، وهذا اليوم يخص المسيحيين حيث إنه يميزهم عن اليهود والهراطقة والوثنيين [25].

ب ـ الاختلافات بين الفصح اليهودى وفصح الأبعتعشرية :
          فى احتفال الفصح المسيحى القديم والمعروف باحتفال الفصح الأربعتعشرية نجد هناك اختلافات عن الفصح اليهودى يمكن تلخيصها على الوجه التالى:
          1 ـ كانت الجماعات المسيحية الأولى فى القرون المبكرة للمسيحية تحتفل بالفصح فى نفس اليوم مع الفصح اليهودى ، ولكنها منذ البدء لم تشترك سواء فى ذبح خروف الفصح أو عشاء الفصح اليهودى ، وذلك لأن المسيحيين لم يعودوا فى حاجة إلى ذبح خروف الفصح حيث إن المسيح حمل الفصح الحقيقى قد مات عنهم ، كما يقول الرسول بولس : " لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذُبح لأجلنا " (1كو7:5) . على هذا نقول إنه منذ البداية وُجدت اختلافات كبيرة بين المسيحيين واليهود ، حيث إن المسيحيين لم يشتركوا إطلاقًا فى طقوس الفصح اليهودى الخاصة .
          2 ـ بحسب ما ذكرنا سابقًا فى " رسالة الرسل " (Epistola Apostolorum)، نجد أن فصح الأربعتعشرية كان ينتهى فى الخامس عشر من نيسان الساعة الثالثة صباحًا بالاحتفال بالأغابى . لذلك كان وقت صياح الديك والذى أشارت إليه الرسالة هو الوقت الذى كان ينتهى فيه صوم الفصح [26].
          أما الديداسكاليا السريانية فقد أشارت إلى أن صوم الفصح بالنسبة للمسيحيين كان يمتد حتى نهاية الفصح اليهودى وبدء احتفال عيد الفطير ، أى حتى الساعة الثالثة صباحًا: [ فأينما يقع فصح الأربعتعشرية ، فيجب أن تلاحظوا أنه لا الشهر ولا اليوم من كل عام يصادف نفس الوقت، حيث إنه يكون متغير . ولكن عليكم أن تصوموا عندما يحتفل شعب الفصح (أى اليهود) وتجتهدوا وتتمموا سهركم فى منتصف عيد فطيرهم ] [27].
          وبحسب كتاب الفصح اليهودى " بيصاخيم " (Pes 10:9) كان محرمًا على اليهود أن يحتفلوا بالفصح بعد منتصف الليل : [ (أكل) خروف الفصح بعد منتصف الليل يجعل الأيادى غير طاهرة ] . لذلك عندما كان يستمر صوم الفصح للمسيحيين حتى الثالثة صباحًا فى الخامس عشر من نيسان، يكون بذلك قد استمر فترة أطول من الفصح اليهودى .
          كان عشاء الفصح اليهودى يبدأ بعد حلول الظلام وكان يسبقه استعداد بالصوم لمدة نصف يوم. ولكن بالنسبة لجماعة الأربعتعشريين فكان صوم الفصح يبدأ فى المساء فى نفس الوقت الذى كان اليهود يبدأون فيه عشاء الفصح. وقد أشارت إلى ذلك الديداسكاليا السريانية فى أنه يجب على المسيحيين أن يبدأوا الصوم عندما يحتفل اليهود بالفصح، وتأمر بأنه لا يُسمح بكسر الصوم أثناء الفصح اليهودى .

V. الفصل فى موضوع عيد القيامة فى مجمع نيقية المسكونى 325م

          فى القرن الثالث الميلادى نجحت المساعى فى جعل احتفال الفصح فى يوم الأحد بالرغم من محاولات الأسقف الرومانى Blastus أن يُدخل فصح الأربعتعشرية فى روما[28]. وعمومًا ابتدأ تقليد الأربعتعشرية يفقد كثير من مشايعيه ، وتبعًا لذلك حدث أنه فى القرن الرابع كانت الجماعات التابعة لهذا التقليد منقسمة فيما بينها .

          فى المناقشات والمجادلات التى حدثت بشأن تاريخ عيد الفصح المسيحى فى نهاية القرن الثانى الميلادى ، حدث إجماع فى الرأى بأن يُتبع تحديد الرابع عشر من الشهر القمرى ليكون بعد فصح اليهود . وقد نصت الديداسكاليا السريانية على وضع النظام التالى بشأن الفصح المسيحى : [ يجب عليكم الآن أيها الاخوة أن تتحروا باهتمام بخصوص يوم الفصح، وتحفظون صومكم باهتمام شديد . ولكن ابتدأوا ، عندما يبدأ اليهود بالفصح .. لذلك ينبغى عليكم أن تصومون من العاشر ، الذى هو الاثنين الواقع فى أيام الفصح [29].

          من هذا نفهم أنه بحسب تعاليم الدسقولية كان يُحتفل بالقيامة فى يوم الأحد بعد 14 نيسان، ويبدأ الصوم فى يوم الاثنين قبل هذا الميعاد . فمن 14 نيسان اليهودى يُحدد ميعاد الفصح للمسيحيين .
          كما يجب الإشارة إلى أن البابا ديمتريوس الثانى عشر من بطاركة الأسكندرية (189ـ232) بالاتفاق مع بطريرك إنطاكية وبابا روما وكذلك أسقف بيت المقدس قد حاربوا القوم الذين يحتفلون بالفصح مع اليهود، وكتبوا للأسقف Blastus قائلين : [ لا يجب أن يُعمل الفصح المسيحى إلاّ فى يوم الأحد الذى بعد عيد اليهود][30]. وحرموا كل من تعدى ذلك، وكان هذا موافقًا للتعاليم الرسولية التى تنص على أن من يحتفل بالقيامة فى غير يوم الأحد، فقد شارك اليهود فى أعيادهم وافترق عن المسيحيين. وقد أرسل البابا ديمتريوس المُلقب بالكرّام رسالة إلى فيكتور أسقف روما فى نهاية القرن الثانى ، وكذلك إلى إنطاكية وأفسس وأورشليم تتعلق بحساب ميعاد الفصح وكذلك صوم الفصح . وكان البابا ديمتريوس قد وضع حسابًا دقيقًا يُسمى " حساب الأبُقطى " يحدد فيه ميعاد عيد القيامة فى الأحد التالى لعيد الفصح اليهودى ، وعرض هذا الحساب على اخوته البطاركة الذين وافقوه وأقروه. بعده وضع ديونيسيوس أسقف الأسكندرية (247ـ264) دورة من 8 سنوات . ومنذ ذلك الوقت بدأت الأسكندرية تبلغ الإيبارشيات المصرية كل سنة بموعد الفصح ، مثلما نجد فى رسائل القديس أثناسيوس الفصحية [31].

          أما فى القرن الثالث الميلادى فقد بُدء فى كل من الأسكندرية وروما تحديد يوم الـ14 للشهر القمرى ليكون مستقلاً بذاته وغير مرتبط بالتقويم اليهودى[32]. وربما يكون السبب فى ذلك هو أن اليهود فى بداية هذا القرن أحدثوا حسابًا جديدًا ليوم الرابع عشر من نيسان ولم يأخذوا فى حساباتهم الاعتدال الربيعى . وتشير جداول الفصح لمجمع Sardika عام 342 والتى احتوت على قائمة بتواريخ الفصح اليهودى ، إلى أنهم (أى اليهود) فى القرن الرابع لم يضعوا فى الاعتبار موضوع تساوى الليل مع النهار [33].

          وقد أشار الأسقف أناتوليوس من اللاذقية عام 227 والذى وضع دورة فصحية من 19 عامًا ، أن هناك تغيير فى حساب الفصح اليهودى[34]. فقد وضع قاعدة مفادها أن الرابع عشر للشهر القمرى لا يمكن أن يقع قبل الاعتدال الربيعى ، حيث يكون القمر بدرًا ، والذى يُسمى  Aequinoctium، أى يوم 22 مارس. إذ فى هذا اليوم يبدأ الشهر الأول للسنة الشمسية القمرية lunisolare ، وعلى ذلك لا ينبغى أن يُحتفل بالفصح فى الثانى عشر من الشهر القمرى أى قبل الاعتدال الربيعى . حيث يقع العيد فيما بين 22،15 من الشهر القمرى ، أى بين 22 مارس، 25 أبريل [35].

          وفى أواخر القرن الثالث تبنت روما دورة فصحية من 84 سنة يقع فيها الفصح بين 20،14 من الشهر القمرى وتبنت روما هذا الحساب فى القرنين الرابع والخامس ، وظهرت عيوب فى التقويم اللاتينى مما جعل باباوات روما تفضل الحساب الأسكندرى بدلاً من الرومانى بدءً من عام 444 [36].

          كذلك نجد أن البابا بطرس بطريرك الأسكندرية فى بداية القرن الرابع كان يحارب رجال الإكليروس وعلى رأسهم Tricentius ـ الذى ذكره إبيفانيوس فى كتابه عن الهراطقة ـ حيث كانوا يدافعون عن تقليد فصح الأربعتعشرية كأنه تقليد رسولى ، دون أن يدركوا أن اليهود قد رتبوا موعد احتفالهم بالفصح بطريقة غير دقيقة قانونيًا وفلكيًا [37].

          وعندما شرع الملك قسطنطين فى العمل على وحدة الكنيسة فى كل المملكة الرومانية، كان هناك 3 مجموعات فيما يخص ميعاد الفصح :
1 ـ المجموعة الأسكندرية    2 ـ المجموعة الرومانية      3 ـ المجموعة الإنطاكية.

          وكان هناك فى بداية الأمر اختلاف بين حسابات الفصح الأسكندرية وحسابات الفصح الرومانية ، ولكن من خلال بعض التنازلات من الجانبين أمكن الاتفاق على ميعاد الفصح وذلك فى زمن الملك قسطنطين . ولكن المجموعة الإنطاكية صارت غير متفقة على تحديد ميعاد الفصح حتى بعد أن أقر مجمع Arles (جنوب فرنسا) عام 314 بالاحتفال بعيد الفصح المسيحى فى يوم واحد (الأحد) . وعدم اتفاق المجموعة الإنطاكية كان من الموضوعات الهامة التى تناقش فيها مجمع نيقية. وليس لدينا ما يفيد أن مجمع نيقية قد أصدر قرارات بشأن موضوع الفصح . فمثلاً نجد أن القديس أثناسيوس يذكر أن هناك اختلاف فيما يسمى بقرارات المجمع ضد الآريوسية ، وما يخص موضوع الفصح، حيث يقول فى كتابه عن المجامع: [ المجمع لم يَسن أى ميعاد محدد للفصح ] [38].

          ويخبرنا أوسابيوس القيصرى عن أولئك الذين احتفلوا بالفصح مع اليهود تنازلوا وأذعنوا لتوصيات المجمع بشأن الاحتفال بالفصح فى "اتحاد"[39]. وإبيفانيوس يفرق بوضوح بين قانون نيقية وقضية الفصل فى عيد القيامة: فالمجمع أدان الهرطقة الآريوسية ، وأصدر قوانين مختلفة وفى نفس الوقت حدد فى توصياته بشأن موضوع القيامة أن الفصح يجب أن يُحتفل به فى "اتحاد" [40].

          وتذكر رسالة مجمع نيقيا إلى كنائس مصر المرسلة من قِبل الأساقفة المجتمعين فى نيقيا الآتى : [ ونزف إليكم ، بشرى سارة ، بشرى إعادة الوحدة حول عيد الفصح. فكل الاخوة فى الشرق الذين كانوا يحتفلون بالفصح مع العبرانيين، سيحتفلون به ، من الآن فصاعدًا ، مع الرومانيين ومعنا ، ومع الآخرين جميعهم الذين احتفلوا به دائمًا معنا ][41].

          وجدير بالذكر أيضًا أنه عندما اجتمع المجمع عام 325 أصدر الملك قسطنطين المنشور التالى بشأن الفصح المسيحى وأرسله إلى الأساقفة الذين لم يحضروا المجمع :
          [ لقد تناقش آباء المجمع فى مسألة عيد الفصح فتقرر بالإجماع أنه من اللائق أن يُقام هذا الاحتفال المسيحى فى كل كنائس العالم فى يوم واحد وكم يكون عظيمًا إجماع القلوب على إقامة صلوات عيد الفصح فى يوم واحد مادمنا نعتقد أن العيد الذى يفتح باب الرجاء فى السماء غير الفانية . وقد أجمع الآباء على رفض فكرة محافظة المسيح على عادة اليهود والاحتفال بعيد القيامة فى نفس اليوم الذى تحتفل فيه الأمة القاتلة . فلنطرح عنا هذه العادة المتبعة ونتبع التقليد الذى سُلّم لنا من بداءة الاحتفال بعيد الفصح المسيحى (الأول) والذى حافظنا عليه إلى هذا اليوم وحده الموافق وهو وحده الجدير بعظمة المخلص. افهموا إذًا أن عيد حريتنا السنوى لا تختلف عليه الكنيسة الجامعة حتى لا يُرى بعض المسيحيين صائمين وعلامات الانسحاق بادية عليهم بينما يكون غيرهم محتفلين بالفصح وعليهم ثياب الفرح ، فيعيد قوم ويكتئب آخرون . إن العناية الإلهية لم تَرِد أن تدع استعمالاً سيئًا كهذا سائدًا فى الكنيسة . وإنى اعتقد أنكم جميعًا تشعرون بضرورة القضاء عليه وقد كُلفت عنكم ذلك ووعدت بأن أنشر إلى بعض كنائس الشرق التى لم تحتفل بالفصح للآن فى اليوم المتبع فى القسم الأكبر فى الكنيسة الجامعة أعنى رومية وإيطاليا كلها وإفريقيا ومصر وليبيا (الشمالية والجنوبية) وأسبانيا وبلاد الغال (فرنسا) وجزر بريطانيا وكل آخائية وإبروشية آسيا وبنطس وكليكية . فاقبلوا بفرح أمر الله الذى تقرر بحكم الآباء المتفق عليه منهم وأنتم تعلمون أن إرادة مخلصنا الإلهية تُعلن لنا فى المجامع، فتكرموا بإعلان هذا القرار لجميع المؤمنين من اخوتنا المحبوبين جدًا ليقفوا عليه، واتخذوا الاحتياطات اللازمة ليكون الاحتفال المسيحى فى كنائسكم متبعًا هذه القواعد غير المتغيرة حتى إذا سمحت الظروف بأن أزور أقاليمكم يكون لى فرح بأن أشترك معكم فى الاحتفال بهذا العيد المجيد فى ذات اليوم المقرر له ، ويمكننى أن أشارككم الشكر لله على هذا الانتصار الثانى الذى أنهم به على كنيسته ... ] [42].

          إن وحدة الكنيسة فى كل الأرض كانت من أهم اهتمامات الرعاة ، لذلك نجد أن القديس أثناسيوس فى رسائله الفصحية كان يؤكد على هذه الوحدة ، حتى عندما كان فى المنفى ، فيذكر فى رسالته الفصحية الخامسة الآتى :
          [ فالله يا أحبائى ، هو الذى رتب لنا العيد فى البداية ، وهو الذى يمنحنا أن نمارسه سنة بعد سنة . هو الذى سمح بموت ابنه لخلاصنا ، وأعطانا هذا السبب للعيد المقدس الذى يشهد له كل سنة ، كلما نودى بالعيد . هذا أيضًا يقودنا من الصليب ـ مجتازين هذا العالم ـ إلى ما هو أمامنا ، والله يخرج منه إلى الآن فرح الخلاص المجيد آتيًا بنا إلى نفس الاجتماع ، ومتحدًا جميعنا فى الروح فى كل مكان ، وواضعًا لنا صلوات عامة مشتركة ، ونعمة عامة مشتركة تخرج من العيد. وهذا هو العجب فى تحننه أنه يجمع معًا فى مكان واحد من كانوا متباعدين ، ويجعل من يبدو أنهم بعيدون بالجسد قريبين معًا فى وحدة الروح ] [43].



[1]  هيرونيموس ، رسالة أفسس4:5 إصدار:
Harnack, Sitzungsber. D. Berl. Akad. 1904, Preuschen, Antilegg. S. 9.
[2]  تعاليم الرسل الاثنى عشر1:8.
[3]  فيلون الأسكندرى " عن الوصايا العشر " ، الفصل 160.
[4]  فيلون الأسكندرى: De Spec. leg. II 176.
[5]  راجع 2مل23:23.
[6]  راجع عزرا 21:6.
[7]  J. Jeremias, Jerusalem zur Zeit Jesu, Göttingen 1962, 98-98.
[8]  راجع خر42:12 ، إرميا11، خر18:15، هيرونيموس : تفسير إنجيل متى ، الكتاب الرابع ،6:25 (PL26, 192A).

[9]  وهى تعتبر من أبوكريفا رسائل الرسل (مثل رسائل الأبوكريفا لبولس: إلى اللاذقية، الأسكندرية، كورنثوس الثالثة؛ رسالة برنابا، رسالة تيطس تلميذ بولس..). وأصل الرسالة مكتوب باليونانية، ولكن النص الكامل يوجد بالحبشية (الأثيوبية) وجزء كبير موجود بالقبطية كما توجد بعض البقايا باللاتينية. والنص عبارة عن خطاب يحتوى على أحاديث مرسلة إلى كل كنائس جهات الأرض الأربعة. وتسمى هذه الرسالة "بأحاديث يسوع مع تلاميذه بعد القيامة" وتشدد على مكانة المسيح على أنه الله وابن الله، وتتحدث عن التجسد وبعض الآيات المعجزية التى قام بها الرب يسوع فى مرحلة طفولته. وتصف الأغابى والإفخارستيا فى ليلة الفصح .
[10]  O. Casel, Art und Sinn der ältesten Christlichen Osterfeier, in: JL 14(1934), s. 6.
[11]  أوسابيوس القيصرى ، تاريخ الكنيسة ، الكتاب الرابع3،26. راجع د. جوزيف فلتس، رسائل الأرطستيكا "تاريخيًا ـ عقيديًا"، فى: "دورية دراسات آبائية ولاهوتية"، 4(1999)، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، صفحة25ـ41.
[12] C. Bonner, The Homily on the Passion by Meltio, Bishop of Sardis, Mélanges Cumont, IV (1936), s. 107-190.
[13]  نفس المرجع السابق (ملاحظة12).
[14]  أوسابيوس القيصرى، تاريخ الكنيسة، الكتاب الرابع 21 ، 1:26.
[15]  Corpus Scriptorum Historiae Byzantinae. Chronicon paschale ad exemplar Vaticanum rec. Lud. Dindorf. Vol. I (Bonn 1832).
[16] F.E. Brightman, The Quartodeciman Question, Journ. Theol. Stud. 25 (1923/24), 254-270.
[17]  المرجع المذكور فى ملاحظة 15 :Chronicon paschale I, s. 14f..
[18]  أوسابيوس القيصرى، تاريخ الكنيسة 23:4ـ25. لقد جرت ستة مجامع بشأن موضوع النزاع حول " احتفال عيد الفصح " دون الوصول إلى نتيجة مرضية لحل موضوع الخلاف ، وهذه المجامع هى :
أ ـ مجمع فى فلسطين برئاسة ثاؤفيلس القيصرى وناركيسوس الأورشليمى .    ب ـ مجمع فى روما برئاسة البابا فيكتور.
ج ـ مجمع فى البنطس برئاسة بالماس أسقف أماستريس.                                د ، هـ ـ مجمعان فى بلاد الغال برئاسة إيريناؤس.
و ـ مجمع فى أفسس برئاسة بوليكراتوس.
[19]  E. Schwartz, Osterbetrachtungen, in: Ges. Schriften. V, S. 13-14.
20  الهاجًادا تُترجم " بالأحاديث " أو " الأقاصيص " وهى تشمل أشعار وتواريخ وعلم وآداب بأشكال متعددة : أبحاث ، أقوال، قصص، أمثلة، عظات.
[21]  J. Jeremias, Abendmahlsworte Jesu, Göttingen 1960, s. 245; B. Lohse, Das Passafest der Quartadecimaner, s. 9.
[22]  غريغوريوس النيسى: عظة عن قيامة المسيح: عظات 4،3،1 (PG 46, 605A, 656A, 681C)؛ إبيفانيوس أسقف قبرص: عظة (منحولة) عن القيامة: عظة 3 (PG 43, 465B)؛ أغسطينوس: عظات 258،230،120 (PL 38, 678, 1103, 1194)؛ هيرونيموس: عن الفصح2،1 (CChL 78).
[23]  غريغوريوس النيسى PG46, 605A.
[24] أغسطينوس PL 38, 678, 1195.
[25]  هيرونيموس CChL 78, 548-551.
[26] Epistola Apostolorum, Kap. 15; Dionysius von Alexandria, Epistula Canonica (s. 94).
[27]  الديبداسكاليا السريانية: الفصل 21 إصدار :
H. Achelis- J. Flemming, Die ältesten Quellen des orientalischen Kirchenrechts II, TU 24, Leipzig 1904, s. 114, 10ff.
[28]  راجع ترتليان، ضد الهراطقة 225:8 (CSEL 47)؛ أوسابيوس القيصرى: تاريخ الكنيسة 20،15:4.
[29]  الديداسكاليا السريانية: صفحة 111 (المرجع فى فقرة رقم 26).
[30] Eutychios of Alexandrîa, PG 111, 989 BC; 1007cd; M. Chaines, La Chronologie des Temps Chrétiens de l’Égypte et de l’Éthiopie, Paris 1925, s. 26.
[31]  أوسابيوس القيصرى، تاريخ الكنيسة 20:5ـ23؛
C.L. Feltoe, The Letters and other remains of Dionysius of Alexandria, 1904.
[32] V. Grumel, Le problème de la date pascale aux III e et IV e Siécles, REB 18, 190, s. 163-178.
[33] E. Schwartz, Christliche und jüdische Ostertafeln, Berlin 1905, 122.
[34]  المرجع السابق (ملاحظة 33)، صفحة 65.
[35] V. Grumel, La date de l’equinoxe vernal dans le canon pascl d’Anatole de Laodicée, Mélanges E. Tissérant Bd. II, 1964, s. 214-240.
[36] B. Krusch, der84 jährige Ostercyclus und seine Quellen, Studien zur christlich-mittelalterlichen Chronologie, Leipzig 1880.
[37]  إبيفانيوس أسقف قبرص، ضد الهراطقة 9:70 ، 9.
[38]  De Synodis5,1.
[39] Eusebius, De soll. Pasch. 8(PG 24, 701C).
[40] Epiphanius, Haer. 69, 11, 2.
[41] De Urbina., 51-52.
[42] Opitz, Werke des Athanasius III, Urkunde 26.
[43]  القديس أثناسيوس ، الرسائل الفصحية : 2:5.

Post a Comment

أحدث أقدم