ماذا ورث الإنسان الموت أم الخطية؟! شرح رومية 12:5 للقديسين اثناسيوس وكيرلس


ماذا ورث الإنسان الموت أم الخطية؟! شرح رومية 12:5 للقديسين اثناسيوس وكيرلس

هل ورثنا الخطية الجدية الأصلية؟ هل ورث الإنسان خطية آدم؟!


يشرح القديسان أثناسيوس وكيرلس معنى النص الكتابي {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.} (رومية5: 12) فيقول القديس أثناسيوس:

بما أن الإنسان الأول آدم تعرض للتغيير، وبسبب الخطية دخل الموت إلى العالم، من أجل هذا وجب أن يكون آدم الثاني غير متغير... لأنه مثلما سقط آدم في العصيان فإن الخطية إجتازت إلى جميع الناس، هكذا حينما صار الرب إنسانا وحطم الحية، فإن قوته العظيمة هذه قد إنتقلت إلى جميع الناس... لكي يجعل ذات هذا الجسد حرا

لاحظوا مفهوم القديس أثناسيوس لنتائج خطية آدم..
 أول شئ أن آدم تعرض للتغيير، 
ثانيا بسبب هذا التغيير حدث تقييد للإنسان إذ أن الخطية ربطت الإنسان وصيرته عبدا لها، 
ثالثا: أنها أدخلت الموت إلى العالم.

إذن الخطية في مفهوم القديس أثناسيوس ليست هى الفعل ولكن سلطان الخطية على الإنسان... وهذا ما يشرحه القديس كيرلس بأكثر تفصيل إذ يقول:

لأننا جميعا خُطاة من خلال عصيان آدم... فالطبيعة البشرية احتضنت مرض الخطية من خلال عصيان إنسان واحد وهو آدم. وبهذه الطريقة أصبح الكثيرون خطاة.

فالخطية ليست عنصرا موروثا في الطبيعة البشرية التي سلمها آدم لأولاده، ولكنه سلم طبيعة إنفتحت على الشيطان، وأصبحت مستهدفة لكل حيله ومؤثراته بالفكر أولا ثم الحواس جميعا. فهنا إحتمال الخطية وارد ولكنه ليس حتميا.

القديس يوحنا ذهبي الفم في شرحه لنفس النص يقول:
إن ما يقوله القديس بولس هنا - بحسب الظاهر - يخلق مشكلة كبيرة، إلا أنه إذا إنتبه المرء بدقة لما يقوله، فإن هذه المشكلة ستُحل بسهولة. وما هي هذه المشكلة؟!

هي أنه قال: {بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً} لأنه أن يكون ذاك (آدم) قد أخطأ وصار فانيا، وأن كل من إنحدر منه قد أخطأوا وصاروا فانيين، فهذا لا يُعد أمراً غير طبيعي على الإطلاق، ولكن أن يصير آخر خطية بسبب معصية ذاك (آدم) فأي علاقة طبيعية يمكن أن تقوم هنا؟! لأن هكذا سيُعتبر هذا الإنسان خاطئا دون أن يكون مسئولا عن الحكم، طالما أنه لم يصر من ذاته خاطئا.
إذن ماذا تعني هنا كلمة [خطاة]؟
من ناحيتي يبدو لي أنهم تحت حكم الدينونة، ومحكوم عليهم بالموت. ومن حيث أنه بموت آدم قد صرنا جميعا فانيين، فهذا قد بينه الرسول بولس بوضوح وبطرق كثيرة، لكن السؤال المطروح هو: لأي سبب حدث هذا (أي صار الموت لجميع الناس)؟! وهنا نجد أن القديس بولس لم يشر إليه بعد، لأن هذا لم يكن ليعينه في مسعاه، لأن المعركة كانت ضد اليهودي الذي كانت تنتابه الشكوك، وكان يسخر من موضوع البر بالواحد. ولهذا بعدما أظهر كيف أنه بخطية الواحد قد صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، لم يقل لماذا حدث هذا، لم يتكلم عنه بعد، لأنه كان يتجنب الأمور غير الجوهرية، ويهتم فقط بالأمور الضرورية….. بمعنى أننا لم نُضار مطلقا من أن الموت قد ملك على الجميع، بل أننا قد ربحنا، بكوننا قد صرنا فانيين، أولا لأنه لو كان لنا جسدا غير قابل للموت، فإن ذلك سيكون دافع للإستمرار في إرتكاب الخطية، ثانيا لكي تكون لدينا دوافع غير محدودة في جهادنا لتحقيق التقوى.] (تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية للقديس يوحنا ذهبي الفم – ترجمة مؤسسة القديس أنطونيوس – المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية ص 251، 252.( 


اقرأ ايضا

إذن ها هو ذهبي الفم يستنكر وراثة الخطية قائلا: [ولكن أن يصير آخر خطية بسبب معصية ذاك (آدم) فأي علاقة طبيعية يمكن أن تقوم هنا؟! لأن هكذا سيُعتبر هذا الإنسان خاطئا دون أن يكون مسئولا عن الحكم، طالما أنه لم يصر من ذاته خاطئا.] ويشرح المعنى الصحيح قائلا أننا تحت حكم الدينونة، ومحكوم علينا بالموت. أي أننا ورثنا نتيجة الخطية وهي حكم الموت أو كما يقول بولس وهكذا إجتاز الموت إلى الجميع!

Post a Comment

أحدث أقدم