الكنيسة الأشورية: حوار وحوارات

الكنيسة الأشورية: حوار وحوارات

الكنيسة الأشورية: حوار وحوارات


فى يونية 1990 فى فيينا: أعلن المطران أبريم من مطارنة الكنيسة الأشورية، أن كنيسته نسطورية تعتنق أفكاره حتى وأن كان لم يؤسسها، فيقول: هذه الكنيسة تُكرِّم كلٍ من ديودور وثيئودور ونسطور، ولكنها ليست كنيسة مؤسسة عن طريق أى من الثلاثة. أحد الأباء النساطرة فى القرن الثالث عشر وهو مار أديسو يقول: لكن بالنسبة للشرقيين، ولأنهم لم يغيِّروا إيمانهم أبداً، بل أبقوا عليه لأنهم قبلوه من الرسل؛ فقد كانت تسميتهم "بالنساطرة" غير عادلة، لأن نسطور لم يكن بطريركهم، كما أنهم لم يفهموا لغته؛ ولكنهم حينما سمعوا أنه يعلِّم بعقيدة الطبيعتين والأقنومين والمشيئة الواحدة، وإبن واحد لله، ومسيح واحد، فقد شهدوا عنه أنه إعترف بالإيمان الأرثوذكسى، لأنهم حملوه مثله. ثم تبعهم نسطور وهم تبعوه، وبأكثر خصوص فى أمر تسمية "أم المسيح".


 وفى نفس ورقة المطران أبريم الأشورى التى دافع فيها عن كريستولوجية وتعاليم نسطوريوس إعترف أن نسطور قد علّم بوجود شخصين "two prosopa" فى المسيح.


في 5 سبتمبر 1991: بدء الحوار مع الكنيسة الآشورية مع مجلس كنائس الشرق الأوسط، وحضر المتنيح أنبا بيشوي ممثلاً للكنيسة القبطية الأرثوذكسية نيابة عن البابا شنودة الثالث.


حدث لقاء آخر في سبتمبر 1992م حتى عام 1994م.


فى يونيو 1994 فى فيينا: فى الحوار السريانى الذى رتبته منظمة برو أورينتا.. شرح المطران باواى سورو كيف تكرّم الكنيسة الأشورية نسطوريوس مع ديودور الطرسوسى، وثيئودور الموبسوستى فى صلواتها، وتعيّد لهم.. ثم شرح فى نفس هذه الورقة كيف تكونت مدرسة الرها وإستقر فيها تعليم الطبيعتين بقوة ووضوح لأن المدرسة الأنطاكية الفكرية قد تمركزت هناك خاصة بواسطة تلاميذ ثيئودور الموبسويستى أسقف ما بين النهرين وكيف أغلقها الإمبراطور البيزنطى زيون 489م فإنتقلت إلى الإمبراطورية الفارسية فى نصيبين. وكيف إستخدمت مدرسة نصيبين التعبيرات التى حرمها (القديس) كيرلس وشركاؤه فى مجمع أفسس.


 وفى نفس الوقت قدّمت التكريم لنسطوريوس كحامى للأرثوذكسية الأنطاكية وكشهيد لكبرياء وغطرسة كيرلس السكندرى وفى الهامش أوضح كيف أفادت كتابات وشروحات تُرجمت إلى السريانية لثيئودور الموبسويستى، كنيسة الشرق (يقصد الكنيسة الأشورية).!


في يناير 1995م جاءا المطران باواى سورو الأشورى ومعه المطران الأشورى الآخر نرساى دى باز، قد حضرا لمقابلة قداسة البابا شنودة في دير الأنبا بيشوي وطلبا منه توقيه أتفاقية مع كنيستنا.. وقالا: نحن مستعدون أن نوافق على الصيغة التى وضعتها قداستكم فى فيينا سنة 1971 بخصوص طبيعة السيد المسيح. واقترح أن نقوم بعمل اتفاق معاً على أساس هذه الصيغة.


وافق البابا شنودة بدء الحوار بشرط،  أن تحذف أسماء نسطور، وديودور الطرسوسى، وثيئودور الموبسويستى من ليتورجياتهم.


 فكانت إجابتهما أن شعبهم قد تعوّد على تكريم هؤلاء المعلمين، فلنبدأ بالعقيدة أولاً وبعد ذلك مع مرور الوقت نقنع الشعب بحذف هذه الأسماء.


 وقال قداسة البابا أنا لا أستطيع أن أعمل اتفاق مع شعب يحرم القديس كيرلس ويكرّم هؤلاء المعلمين النساطرة.


 فترجّوا أن يعطيهم قداسة البابا فرصة من الوقت لتصحيح الأوضاع.

ولكن لم يتم أى أتفاق، ولم يُعرض الأمر على المجمع المقدس لكنيستنا.. 


بل وقعت الكنيسة الآشورية اتفاقًا لاهوتيًا مع الكاثوليك من جانب بابا روما في 11/11/1994م وصدر تصريح مشترك عن ذلك.


ثم في يناير 1995م، كان البابا شنودة أحد رؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط، وفي حضور ممثلين من الكنيسة السريانية.  وبحضور نيافة الأنبا بيشوي، د. موريس تواضروس، د. إميل ماهر. أفتتح قداسة البابا اللقاء بكلمة ترحيب جاء فيها: 


- إيمان وفكر الكنيسة الأشورية عن الكنيسة والخلاص والفداء

- فكر الكنيسة الأشورية عن لاهوت المسيح وخاصة في تعبير ابن الأنسان

- مناقشة الفكر الخريستولوجي

- التحديدات الإيمان بالنسبة للقديس كيرلس

- الوثائق الإيمانية التي في الكنيسة الآشورية

- البيان Statement المقدم من الجانب الأشوري.


وبعد تقديم الجانب الأشوري مقترحًا حول " طبيعة المسيح وتجسد الكلمة" تمت مراجعته وتعديله .. طلبت الكنيسة القبطية حذف نسور وثيؤدور وديودور من الصلوات حتى تتشكل لجنة للحوار وأزالة الخلافات... وهو ما لم يحدث إلى الآن!


 في العام التالى (فبراير 1996) دعي الأنبا بيشوي إلى فيينا لحضور الحوار اللاهوتى (بصفته مراقب)، فوجد نفس هذا المطران الأشورى باواى سورو يدافع عن نسطور ويطالب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالاعتراف بأرثوذكسية تعليم نسطور، ورفع الحرمان عن نسطور وثيؤدور وديودور لأن الحكم على نسطور في مجمع أفسس كان ظالمًا.!!


فواجهه الأنبا بيشوي داخل الاجتماع، وقال له أنك تقول هنا عكس ما اتفقتم به مع قداسة البابا شنودة الثالث فى مصر. فأنكر ما قاله فى مصر، فأعلمه بأننا لدينا شرائط مسجلة بهذا الكلام. بل إن المطران بول صياح (من الكنيسة المارونية) كان حاضراً فى المقابلة التى تمت مع قداسة البابا فى مصر كما كان حاضراً فى فيينا فى نفس المؤتمر ولم ينكر ذلك.


فى فبراير 1996 فى فيينا في ذات الحوار أعلن المطران أبريم الأشوري: أنه بالرغم من أن نسطوريوس ليس هو مؤسس الكنيسة الأشورية، ولكنه هو أب لهم بصورة قوية جداً. وعلى حد تعبيره باللغة الإنجليزية: "is very much their father".


فى 1/6/1996م أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى جلسته البيان التالى: "اتضح بعد بحث ما جرى فى الحوار السريانى فى فيينا فى يونيو 1994م وفبراير 1996م أن الأشوريين هم نساطرة يقدسون نسطور مع ديودور الطرسوسى، وثيئودور المويسوبستى، ويخّطئون القديس كيرلس، وذلك بالرغم من الحوار الذى أجرته معهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبعد أن تظاهرت الكنيسة الأشورية بالموافقة على الإيمان السليم. وهناك اتفاقيات تمت بينهم وبين الكاثوليك. ونحن مصممون على موقفنا برفض دخولهم كأعضاء فى مجلس كنائس الشرق الأوسط، إلى أن يعترفوا بعقيدة وقرارات المجمع المسكونى الثالث فى أفسس"].


وفي جلسة 14/6/1997م للمجمع المقدس: قدم نيافة الأنبا بيشوي تقريرًا عن الأشوريين النساطرة. وقد تصدى قداسة البابا لدخولهم مجلس كنائس الشرق الأوسط لأنهم نساطرة مائة بالمائة يقدسون نسطور ويلعنون البابا كيرلس الكبير. وأيّد المجمع المقدس موقف قداسة البابا من الأشوريين النساطرة.


في فبراير 1992م : وفى بيان مشترك لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية فى الشرق الأوسط؛ وهم أصحاب القداسة البابا شنودة الثالث، والبطريرك مار أغناطيوس زكا الأول، والكاثوليكوس آرام الأول، ورد جانب عقائدى فى البند الخاص برد الفعل إزاء طلب العضوية المقدم من الكنيسة الأشورية إلى مجلس كنائس الشرق الأوسط، وهو البيان الذى صدر فى دير مار أفرام السريانى فى معرة صيدنايا بسوريا بتاريخ 12/2/1999، جاء فيه ما يلى: 


[نحن نعيد التأكيد على تمسكنا بكريستولوجية الكنائس الأرثوذكسية الشرقية المبنية على التعليم الكريستولوجى للقديس كيرلس الاسكندرى والملخصة فى صيغته المعروفة جيداً (طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد). نحن نعيد إقرار رفض كنائسنا لتعاليم كل الهراطقة بما فى ذلك نسطور وأتباعه ونعيد ذكر الحرومات المنطوقة ضدهم.]


وفي 10 أكتوبر سنة 1998م رفض مجلس كنائس الشرق الأوسط برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث انضمام الكنيسة الأشورية إليه لأنها لا تنتمي إلى أي من العائلات الكنسية الأربعة للمجلس.


في جلسة 29/5/1999م للمجمع المقدس : قَّدم الأنبا بيشوي تقرير عن وضع الكنيسة الأشورية أوضح فيه رفضهم لمجمع أفسس المسكوني وتكريمهم لنسطور وديودور الطرسوسي وثيؤدور المبسويستي وقبول تعاليمهم الهرطوقية، معتبرين نسطور [شهيد لكبرياء وغطرسة كيرلس السكندري]!. ثم أكد قداسة البابا رفض كنيستنا لدخول هذه الكنائس إلى مجلس كنائس الشرق الأوسط وذلك باعتبارها كنائس نسطورية. وقال قداسته إن الكاثوليك في مجلس كنائس الشرق الأوسط قد ألحوا بشدة لضم الكنيسة الأشورية للمجلس لكننا وقفنا أمامهم بمنتهى الشدة لدرجة أنهم شعروا أنهم لو قبلوا هؤلاء فسوف ننسحب نحن من المجلس. وقد انضم إلينا في ذلك السريان والأرمن.


فى نوفمبر 2002م: قدم المتنيح نيافة الأنبا بيشوي وأثناء الحوار الرسمى مع الأنجليكان فى أرمنيا ورقة بعنوان: "التعليم الكريستولوجى للكنيسة الأشورية المشرقية" The Christological Teaching of The Assyrian Church of the East، المفاجأة... اقتنع الأنجليكان بما فيها، وكتبنا فى الاتفاقية إننا نحن الأرثوذكس الشرقيين لا نوافق على كريستولوجية الأشوريين، وقد وافق معنا الأنجليكان على ذلك وعلى أنه لابد أن يراجع مؤتمر لامبث بإنجلترا الخطأ الذى وقع فيه، أى يراجع موقفه فى إعلانه بأن كريستولوجية الأشوريين لا غبار عليها. وتم توقيع الطرفين على هذه الاتفاقية!


في أكتوبر 2006م ، أصدر الراهب أثناسيوس المقاري، الطبعة الثانية للجزء الأول من كتاب: " الكنائس الشرقية وأوطانها: رؤية عامة-كنيسة المشرق الأشورية". ومن بين ما قاله: "لاتطلق كنيسة المشرق الاشورية على العذراء لقب "والدة الإله" أى "يالدات إلاها". إنما يلقبونها فقط بــ "أم المسيح" أى "يالدات بشيكاه". وهذه العقيدة التي أنفردت بها هذه الكنيسة دون كنائس المسكونة تبلورت في مجمع مار صابريشو الذي عقد لديهم سنة 596م....". وختم هذا الجزء بقرار المجمع المقدس لكنيستنا في جلسته 1/6/1996م. لكن الأب الراهب قد خلط عليه أمر في نسبة صيغة فيينا 1971م إلى الكنيسة الأشورية بينما أن قداسة البابا شنودة الثالث هو كاتب هذه الصيغة وليس الأشوريين. وقد عاتبه نيافة الأنبا بيشوي في أكثر من موضع، أنه ينتقى أقوالاً لا تدل على الإيمان الحقيقى لهذه الكنيسة. كما أن هناك مغالطات فى الاقتباسات التى وردت فيه. وسجل أبونا بولا عطية أعتراضه في رسالة الماجستير الخاصة به عن: "المسكونية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: النشأة-التطور-الحورات دراسة وثائقية". وكان الأب الراهب قد شكر مسبقًا في الطبعة الأولى من كتابه: " لكل من يبادر بالنصح، لآستدراك شئ فاتني، أو لتصويب خطأ انزلقت إليه سهوًا أو عن غير علم". وهو ما فعله في الطبعة الثانية وإن كان غير كاملًا.  


جدير بالذكر أن العلاقات المسكونية بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية قد توترت بعد إبرام الاتفاقية الخريستولوجية الرسمية بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الأشورية. 


ففي سنة 1994م وقَّعت الكنيسة الأشورية اتفاقًا لاهوتيًا شكليًا مع الكاثوليك حيث وقَّع الاتفاق البابا يوحنا بولس الثاني وماردنخا الرابع، وفي سنة 1996م فوجئ الجانب الأرثوذكسي بأن النساطرة متمثلين في الكنيسة الأشورية مع الكاثوليك يقودون هجومًا ضد البابا كيرلس الكبير، ويتهمونه بأنه ظلم نسطور بسبب العداء التقليدي بين كرسي الإسكندرية وكرسي القسطنطينية. وأن حكم مجمع أفسس المسكوني الثالث على نسطور كان خاطئًا وطالبوا برفع الحرومات عن ديودور وثيئودور (آباء نسطور في العقيدة) ونسطور، وتناسوا أن البابا كيرلس هو الذي أعاد تكريم القديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية وضم اسمه إلى مجمع القديسين بكنيستنا.


هذا بجانب ما أعلن في المؤتمر الذي رتبه الأخوة الفرنسيسكان بمشاركة الجمعية المسكونية لمباركة العذراء مريم والذي انعقد في 26 أكتوبر 1998م عن " المريمية في الحوار المسكوني بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الأشورية" بمركز نحو الوحدة في روما. حيث كشف المطران الأشوري (باواي سورو) في مقالته عن التقارب الممكن في مواضيع مريمية معينة: لقب ثيؤطوكية (والدة الإله) وخريستوتوكوس (والدة المسيح) والحبل بلا دنس والصعود. كما علق الأسقف على الأسباب الممكنة لطريقة الكنيستين المختلفة في صياغة تعاليمهما فيما يخص هذه الموضوعات. وفي النهاية اقترح ان الاختلافات في الصياغة لا يعنى بالضرورة اختلاف في الايمان لمضمون ومعنى الايمان الرسولي، كما ان الوحدة في التعبير العقيدي لا تشكل أحد الشروط للازمة لإعادة الشركة"!. وأضاف: أن تسمية (خريستوتوكس) ستنال أخيرًا كرامتها الواجبة!  


مراجع:


+ القرارات المجمعية في عهد صاحب القداسة البابا شنودة الثالث 117 – الإصدار الثالث 2011، ص143-145.

+الأنبا بيشوي، كتاب وثائقى عن كنيسة المشرق الآشورية النسطورية : تاريخها وحاضرها وعقائدها، 2003م.

+الأنبا بيشوي، لاهوت عقائدي – لاهوت مقارن – حوارات مسكونية – أقوال آباء، ط23. ص 58-62.

+الراهب أثناسيوس المقاري،: " الكنائس الشرقية وأوطانها الجزء الأول: رؤية عامة-كنيسة المشرق الأشورية"، ط2، 2006م.

+القمص بولا عطية،  بدايات وتطور الحوار اللاهوتي حول عقيدة الخريستولوجي (طبيعة المسيح) مع كنائس الروم الأرثوذكس والكنيسة الكاثوليكية، 2020م.

+القمص بولا عطية أعتراضه في رسالة الماجستير الخاصة به عن: "المسكونية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: النشأة-التطور-الحورات دراسة وثائقية"، 2005م.


الباحث القبطي بيشوي فخري



Post a Comment

أحدث أقدم