سر مسحة المرضى: طقس القنديل العام

سر مسحة المرضى: طقس القنديل العام

سر مسحة المرضى: طقس القنديل العام


سرّ مسحة المرضى، هو إحدى الطقوس الدينية التي تتم في الكنائس، تلك الطقوس التي تحمل في طياتها الكثير من الألق والتأمل، وقد ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإيمان والروحانية. يُعتبر هذا السرّ من الأسرار المقدسة التي أسسها السيد المسيح نفسه، حيث دعا الكهنة إلى "اِشْفُوا مَرْضَى"، وقد أخذ الكهنة هذا الدور على مر العصور.


لكن ما يميّز هذا السر عن غيره من الأسرار الدينية هو ارتباطه بتجليات الجسد والروح معًا. يُعتقد أنه ليس فقط يشفي الجسد، بل يمتد تأثيره ليشمل أيضًا الشفاء الروحي والنفسي. وهو ما يفسر لماذا يُمارس هذا السرّ في جمعة ختام الصوم، حيث يكون المؤمنون قد قضوا فترة طويلة من الصيام والتأمل، وقد يكونون بحاجة إلى التجديد والشفاء على مختلف الأصعدة.


تعتمد طقوس مسحة المرضى على خطوات محددة:


أولًا، يجب أن يكون الكاهن والمريض والحاضرون جميعًا صائمين ومستعدين لهذا السر. ثم يقوم الكاهن بقبول اعتراف المريض، تمامًا كما فعل السيد المسيح عندما شفى المخلع. هذا يمثّل لحظة التواضع والتواصل مع الله من خلال الكاهن.


ثم، يقوم الكاهن بإجراء السر مع وجود الكهنة اخوته، ليكون الشفاء مصدره السر نفسه، وليظهر تواضع الخدمة وعدم التكبر.


تتضمن الطقوس استخدام زيت نقي، رمزًا للنور والفرح واستنارة القلوب. ويتم استخدام 7 فتائل، تعبيرًا عن كمال مواهب الروح القدس في الكنيسة. وتُرمز الفتائل إلى جهاد الإنسان، بينما يُظهر الزيت عمل الروح القدس ونعمته.


تتجلى معاني عميقة في هذه الطقوس، حيث يعتبر الإنسان مثل الفتيل الذي بمفرده لا يعطي الضوء، بل يحتاج إلى زيت الروح القدس ليضيء. وكما يُحرق الفتيل بمفرده ولا يُفيد شيئًا بدون الزيت، فإن الإنسان بدون معونة الروح القدس لا يستفيد شيئًا.


ويختتم السر بصلوات متتالية ورشومات على المريض، تعبر عن تحمل الآلام واستمطار مراحم الله. ويُشدد على أن الاستخدام الآخير للزيت يجب أن يكون فقط لهذا السر، كما أن شفاء المريض ليس ضمانًا لعدم الموت، فقد يكون هناك أسباب أخرى تمنع الشفاء.


إن مسحة المرضى ليست مجرد طقس ديني، بل هي تجربة روحانية عميقة تربط بين الجسد والروح، وتجسّد تعاليم المحبة والشفاء التي دعا إليها المسيح.


Post a Comment

أحدث أقدم