لقاء نيافة الأنبا دانيال مطران المعادي وسكرتير المجمع المقدس لبرنامج (كلم ربنا .. مع أحمد الخطيب)

لقاء نيافة الأنبا دانيال مطران المعادي وسكرتير المجمع المقدس لبرنامج (كلم ربنا .. مع أحمد الخطيب)

قوة الصبر والإيمان: قصة حقيقية ترسم معنى الاعتماد على الله


عندما استفقت من نومي بعد ليلة مرهقة، كان قلبي ينبض بشكل مقلق وكأنه يحاول الهروب من جسدي. كان حلماً صعباً جداً، كأنه كابوس مرَّ على وعيي، ولكن الصدمة الحقيقية جاءت في اليوم التالي، حينما تحول ذلك الكابوس إلى واقع مؤلم، حيث دُهِس أخي الصغير بواسطة قطار سريع، ما أدى إلى بتر قدمه.


لقد كانت الصدمة كبيرة على كل الأصعدة، فأنا كنت المسؤول الأكبر عن أسرتي، وكان علي أن أتحمل وأواجه هذا الحادث بكل شجاعة وصبر. الحادثة التي وقعت قبل أكثر من 40 عاماً، لا تزال حاضرة بوضوح في ذاكرتي، لا بل في وجداني، حيث ترتبط بذكرى حلم مرعب ومُقلق.


كانت تلك الليالي الصاخبة هي بداية رحلة صعودي نحو الله والثقة الكاملة بقدرته على تحمل المصاعب وتوجيه الحياة بالشكل الصحيح. قبل دخولي "الدير" بفترة قصيرة، كنت أحاول قدر المستطاع تأمين احتياجات أسرتي، ولكن بعد تلك الحادثة الصادمة، شعرت بالعجز والضعف النفسي، فكانت هناك حاجة ماسة إلى مرشدي الروحي ودعمهم.


كانت لحظة الضياع واليأس تُلفني، لكنني لم أُعطِ المجال لتلك الأفكار المظلمة أن تسيطر على عقلي، بل على العكس، لجأت إلى الله بكل ثقة ورجاء، وطلبت منه القوة والصبر لمواجهة تلك الأزمة الصعبة. وكانت الإجابة سريعة وواضحة، فبينما كنت أبكي بحرقة، شعرت بالسكينة والطمأنينة تغمرني، وكأن يدًا خفيفة ملأت قلبي بالأمل والتفاؤل.


لم يكن هذا الموقف هو الوحيد الذي يجسد قوة الاعتماد على الله في حياتي، بل كان هو بداية سلسلة من التجارب التي أكدت لي أن الله حقاً قريب منا وأنه يسمع دعواتنا ويُجيبها في الوقت المناسب. كنت دائمًا أحمل هذا الإيمان بقلبي وأعيش حياتي بثقة مطلقة في الله وحكمته.


في تلك الأوقات الصعبة، كانت كلماتي مع الله هي الدواء لجروحي، وكانت دموعي تعبر عن مشاعري وأحاسيسي بشكل أوضح من أي كلمة أقولها. وهكذا، أصبحت تلك اللحظات الحميمة مع الله جزءاً لا يتجزأ من حياتي، وكلما كبرت التحديات، كلما ازداد اتصالي بالله وتأملي في قدرته على تحويل الظروف إلى خير ونجاح.


برنامج "كلم ربنا"، الذي تم اقتراحه كنوع من الاستجابة لحاجة الناس إلى الاعتماد على الله في كل شؤون حياتهم، يعتبر خطوة إيجابية نحو تعزيز الثقة بالنفس وتعزيز العلاقة الروحية مع الخالق. ففي زمن تتزايد فيه الضغوطات والمشاكل، يعتبر هذا البرنامج ملاذًا آمنًا لمن يبحثون عن السكينة والهدوء في أعماق قلوبهم.


إن الحياة مليئة بالتحديات والمحن، ولكن الإيمان بقدرة الله ورحمته يمنح الإنسان القوة لمواجهة تلك التحديات بكل شجاعة وصبر. فعندما يكون الإنسان على اتصال دائم مع الله ويثق به بكل قوة، يجد الطمأنينة والسكينة في قلبه، ويصبح قادراً على تحمل أصعب المواقف بكل ثبات وصلابة.


لذا، دعونا نحافظ على الاتصال الدائم مع الله، ونثق بقدرته على توجيهنا وحمايتنا في كل لحظة من حياتنا، فإن الله قريبٌ ممن دعاه، وهو القادر على تحويل الظروف وتغيير الأقدار إلى الخير والسعادة.


Post a Comment

أحدث أقدم