توضيح معنى من اكل جسد ودم الرب بدون استحقاق يكون مجرما

توضيح معنى من اكل جسد ودم الرب بدون استحقاق يكون مجرما

عقوبات لمن يتناول بغير استحقاق - كتاب الكهنوت

(1كو 11: 27_29)  توضيح لابد منه ...

 
إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ._ وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ._ لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ..

ما الذى يجعل الإنسان غير مستحق للتقدم للتناول من الاسرار الالهية ، لئلا يكون مجرما فى جسد الرب ودمه ؟
من خلال الاصحاح 11 من رسالة كورنثوس الأولى نجد الاجابة لدى القديس بولس الرسول حيث يعالج فى هذا الاصحاح بعض المشاكل الخاصة بالعبادة ، والتى كانت تعانى منها الكنيسة فى مدينة كورنثوس ،والتى قد دخلت الايمان من خلفية وثنية ، مما جعلها تعانى كثيرا من المشاكل الروحية .وفى تناوله لمشاكل اجتماعاتهم الافخاريستية يبدأ بقوله :

(لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٍ، وَأُصَدِّقُ بَعْضَ التَّصْدِيقِ لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ أَيْضًا، لِيَكُونَ الْمُزَكَّوْنَ ظَاهِرِينَ بَيْنَكُمْ.فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ.لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ، فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَرُ.أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ اللهِ وَتُخْجِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ؟ أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ! 1كو 11 :18_22)

يمكن ان نستشف ماكان يقصده الرسول بولس بالتناول بدون استحقاق فهو كان يعيب على المؤمنيين فى كنيسة كورنثوس تقدمهم للتناول وهم يحملون لبعضهم البعض روح الخصام والانشقاق ، لذلك يوبخهم قائلا 
(فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ) 
نعم فالإجتماع الافخاريستى هو "عشاء الرب " والذى فيه يتحد المؤمنون بجسد المسيح وبعضهم البعض فكيف يصيرون واحدا وهم فى خصام وانشقاق ، مما جعل بولس الرسول ينفى على اجتماعهم هذا صفة " عشاء الرب " فكلمات الرسول بولس هى صدى لتعاليم السيد المسيح الذى نادى قائلا :

(فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. مت 5 :23_24)

وهذا الامر خاصة جعل الكنيسة تصلى من أجله مرارا وتكرارا فى القداس الالهى لتتذكر هى وتذكر مؤمنيها بكلام الرب لشدة خطورته ففى صلاة الصلح يصلى الاب الكاهن قائلا 

( واجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا، أن نقّبل بعضنا بعضا بقبلة مقدسة. لكي ننال بغير انطراح في دينونة، من موهبتك الغير المائته السمائية، بالمسيح يسوع ربنا)

وفى بداية صلوات الاواشى بعد التقديس يصلى الاب الكاهن قائلا 

(اجعلنا مستحقين كلنا، يا سيدنا، أن نتناول من قُدساتك طهارةً لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا. لكي نكون جسدا واحدا، وروحا واحدا)

وفى صلاة قبل التناول يصلى قائلا 

(اجعلنا مستحقين كلنا، يا سيدنا، أن نتناول من جسدك المقدس ودمك الكريم طهارةً لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا. لكي نكون جسدا واحدا، وروحا واحدا ومغفرة لخطايانا واثامنا لكي نكون جسدا واحدا، وروحا واحدا معك )

فإن كان السيد المسيح بحبه مات لأجل كل البشرية فإن التأهل للتناول من جسده ودمه المبذولين يكون بإنفتاح القلب بروح الله لمحبة كل البشرية ونمو روح الوحدة بين مؤمنية .

الأمر الثانى الذى نستطيع ان نستخلصه من كلمات بولس الرسول والذى كان يقصد به التناول بدون استحقاق هو الاستهانة وعدم الايمان بالافخاريستيا فهو يتكلم عن امور مخجلة كانت تصدر من مؤمنى تلك الكنيسة والتى كانت من خلفية وثنية مما اعطى تأثيرا سلبيا على طريقة اجتماعهم فى الكنيسة للتناول من عشاء الرب حيث كانت تحدث امور تدل على الاهانة لهذا العشاء الافخاريستى مما يوحى بعدم ايمانهم بهذا السر الالهى من الاساس وهو ماجعل الرسول بولس يقول 

(لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ)
اى غير مميز بين الخبز الذى يأكله فى أى موضع اخر وبين جسد الرب المبذول الافخاريستى لذلك دعاهم قائلا (لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ) وامتحان الانسان لنفسه لا يتحقق بأن يبقى بعيدا فيحرم نفسه من هذه العطية 

وانما بالتوبة والرغبة الصادقة للحياة الجديدة المقدسة فى الرب واتساع القلب حتى للمقاومين ونزع روح الخصام والانشقاق من القلب مع يقين الايمان بما يقدمه السر فيتمتع بالشركة فى جسد الرب ودمه . وهنا يجب أن نفرق بين الضعف الروحى والذى لا يمنع من التقدم للتناول (لأن التناول بالحرى هو الدواء لهذا الضعف ) 

وبين الاستباحة  اى رفض التوبة والاصرار على الخطية بكامل الحرية والارادة وهنا تمنع الكنيسة مثل هذا الانسان المستبيح من الشركة لحين العدول فيما هو عليه وتقديم توبة لأنه هو الذى فصل نفسه بنفسه عن جسد المسيح ونرى ذلك فى قصة زانى كنيسة كورنثوس الذى قطعه بولس الرسول من شركة الكنيسة حتى يتوب 

(وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا، أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذَا 1كو 5 :11)

وهو ماعاد وقبله فى شركة الكنيسة بعدما أظهر توبة صادقة وتوقف عن استباحته  فقال لهم 

حتى تكونوا بالعكس تسامحونه بالحري و تعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط لذلك اطلب ان تمكنوا له المحبة لاني لهذا كتبت لكي اعرف تزكيتكم هل انتم طائعون في كل شيء 2 كو 2 :6_8) 

يمكنك قراءة اكثر عن هذا الموضوع فى كتاب (فى موكب نصرته) للأنبا هيرمينا اسقف عام عين شمس


Post a Comment

أحدث أقدم